الأربعاء، 1 فبراير 2012

مصر الدوله... أم الدويلات


مصر الدوله أمْ ...
الدويلات !؟

طارق عبد الحميد

التاريخ يقول لنا ان مصر قبل تولى محمد على الحكم  كانت عبارة عن مجموعة دويلات يتحكم فيها المماليك,  كلٌ يٍُقيم دولَته البحرية و البريه والشرقيه وخلافه , حتى جاء عهد محمد على باشا .  توحدت الدوله تحت راية دوله واحدة لها حكومة مركزية تتحكم فى كل مٌقدراتِ الدولة من صناعةٍ وتجارة و زراعة وكانت مصر دولة عظيمة الشان فى المنطقة بل وفى العالم لدرجة ان محمد على باشا انشأ جيشا قويا  دافع عن مصر وعن كل حدودها الشرقيه والغربيه والجنوبيه ووصل به الى منابع النيل والى الاسيتانه والاناضول.

أدرك الغرب خطر جيش مصر فتوحدت قوى العالم عليه وهزمته واعادته الى داخل حدود مصر, ثم كان الاحتلال البريطانى لمصر والذى استمرت خلاله الدول المصريه دوله واحدة يملكها الملك ويحكمها الحزب المنتحب.  الى أن جاءت حركة الضباط  الاحرار يوليو 1952  وتحولت مصر الى دويليتين دويله الجيش برئاسه عبد الحكيم عامر والدوله الأم برئاسه جمال عبد الناصر.

ولما كان ذلك كذلك, كانت النتيجه الحتميه هزيمة دويله الجيش فى يونيو 1976 وأعادت الدوله هيكلة نفسهِا وبوفاه رئيس هذة الدويله " عبد الحكيم عامر" انضمت للدوله الام- مصر- فى هيكل واحد برئاسة جمال عبد الناصر,  ثم تلاه السادات و قضى على الاتحاد الاشتراكى الذى كان يريد ان يحل محل دويله الجيش وكان الانتصار فى اكتوبر 1973 ساحقا.   وعندها استعادت دويله الجيش مكانتها مرة اخرى.

وجاء مبارك وتقطعت مصر الى عِدة دويلات ، دويله الجيش ، دويله الداخليه ودويله رجال الاعمال و المصالح ، دويله القضاء، دويله المحليات ، ودويلات اخرى تحت السطح تسعى ليكون لها مكانا كالإخوان المسلمين. وعلى كل دويله امير لا يرى الا دويلته ومصالحها ويشعر بأنه رئيس دويلته تلك وان مصر مجرد أرص لها حدود شماليه و جنوبية شرقيه وغربية اى عبارة عن قطعه ارض منبسطة تقيم عليها كل دويله دويلتها .

زادت سلطة دوله الداخلية فى عصر مبارك و هدفها الوحيد الحفاظ على مبارك  على رأس  الكرسى , وأن يستمر كل امير على راس امارته  ولكى يشعر مبارك بالامان اضفى قوة زائده على الداخلية فزادت قوة امن الدوله داخل دويله الداخلية ومدت  ازرعِها كالاخطبوط على باقى الدويلات تجسست وتدسست وتحسست داخل كل تلك الدويلات  حتى يكون لها ذلك الذراع الطويل المعد لإخضاع كل الامراء على العمل فى اتجاه واحد هو التوريث.  والذى بدا يظهر على السطح منذ عام 2001 تقريبا واستقر فى وجدان الرئيس عام 2005 .  ولم لا فمصر ليست دوله مركزية واحده بل عدة دويلات امكن السيطرة عليها من دويلة الداخليه وداخلها دويله امن الدولة.  

اما دويلات تحت السطح فكان الاخوان والسلفيين كل منهما يحكم بدويله يمين يمين شمال شمال , السمع والطاعه العمياء الخرساء البلهاء أحيناُ,  ولكن كانت الامال تداعبهم بين الحين والاخر فشكلوا من الاجنحة العسكرية داخل دويلاتهم ما شكلوا للارهاب النفسى والبدنى لشعب مصر المحروسه وباقى الدويلات,  فكفر السلفيين من كفروا وقتلوا من قتلوا ثم أيقنوا ان قوتهم ليست كافية فكانت المراجعات الوهمية , وواقفوا ضمنا على المشروع الكبير فى مصر وهو التوريث ففَتحت السجون لهم ابوبها وخرجوا الواحد تلو الاخر ولكن قياداتهم التى لا يؤمَن لها جانب لم تتنازل امن الدوله عنهم واستمروا حتى بعد انتهاء مده الاحكام التى وقِعَت عليهِم

الى ان جاء شباب مصر المحروسه سائرون ،حائرون، ثائرون يصرخون عيش.. حريه.. عداله اجتماعية ,  لم تشعر اى من الدويلات الخطر القادم من هؤلاء الشباب الذين لم ينضموا الى اىِّ من دويلات مصر بل كان هدفهم مصر والمواطن البسيط كذلك كانت طلباتُهم بسيطة نقيه فطرية عيش حريه عداله إجتماعيه. فانتفضت دويله الداخليه للتصدى  ولانها كانت تتصدى بهدف واحد ليس الحفاظ على مصر بل الحفاظ على مشروع التوريث,  انقضت جموع الشعب على عسكر تلك الدويله وليس الداخلية فقضى عليها فى 4 ساعات فقط ,  تقطعت اذرعها التى كانت تسيطر بها على الدويلات الاخرى وفى محاوله للملمة  ومداواة جراحها و قرر كل امير ان ينجو بنفسه  فبدات بحسين سالم ثم بطرس غالى ثم وزير التجارة رشيد – ثم فلان وعلان وترتان

وفى تلك الاثناء وجدت دويلات ما تحت السطح الفرصة سانحه لها لتظهر على وجه الارض  فظهر الاخوان فى الساعه الثالثه ظهر يوم جمعه الغضب  و كاانت جمعه غضب فعلا حرقت اقسام الشرطه بفعل فاعل منها المنظم و منها العشوائى

انتفضت كل قبيله لحمايه رعاياها  ومع انهيار دويله الشرطة والتى قررت ان تكون الفوضى هى السمه الوحيدة الباقيه لها ففتحت السجون والتى اذا سألت اى صول فى البوليس يعمل فى مصلحة السجون سيقول لك انه من المستحيل ان تخرج كل تلك الاعداد من المساجين فى لحظة واحده دون ترتيب مسبق ودون مساعده داخليه.

وظهر السلفيون يوم السبت صباحا بعد ان ظهر لهم هلال انتهاء الدويلات التى كانت تحكم مصر.  الا ان هناك ثمة دويله حافظت على نفسها وبقاءها و هى القوات المسلحة  و التى اوكل الشعب لها ادارة شئون مصر بشرط ان توحدها و تسير بها كدوله واحده ذات سياده ولانها كدويله  استمرت 60 سنه الا قليلا لم تَستنسِغ الفكرة

مصر دوله واحده كبرى و نحن نكون جزء من الدوله الكبرى  وتنهار دويلتنا التى انشاناها و عملنا من أجلها  و اجتهدنا فى اقامتها طوال تلك السنين لا والف لا, علينا الحفاظ على حدود مصر الكبرى من الشمال  والجنوب و الشرق و الغرب نعم , علينا الحفاظ على جميع الممتلكات العامة والخاصة نعم,  علينا الانتهاء من مشكله التوريث  نعم , علينا بشىء أخر كالإنضمام الى الدوله الكبرى مصر, لا.

ولان الدويلات تخشلى الوحده مع الدوله الام كانت محولات كل دويلة ان تتشبث بما يمكن ان تتشبث به  فقام القضاه بتفصيل مشروع يحمى دويلتهم  وانتفض المحامون رافضين ,  طالما ليس لهم مكانا مرموقاً فى تلك الدويله .

وظهر اخيرا الاخوان المسلمون على السطح بعد ان كانوا  ودويلتهم تحت السطح,  ولانهم كانوا يعملون وفق منطق الدويله منذ 80 سنه. ( إتمسكن لحد ما تتمكن )  واكثر فكانوا اول النازحين و المتقربين الى دويله العسكر والتى شعرت هى الاخرى برغبة الاخوان الى تكوين دويله دون التعرض لدويلتهم  فكان الاتفاق سريعا لكلٍ دويلته بعيدا عن الاخر فتاسست احزاب الحريه والعداله والنور و الاصاله فى شهر واحد تقريبا  و دانت لهم الاغلبيه فى البرلمان سريعا بعد أن استغلوا الجهل والفقر احسن استغلال,  وقالوا للعامه اذا لم يكن لكم امل فى الدنيا وهذا هو الواقع الآن فليكن لكم امل فى الاخرة  وهذا ما نقدمه لكم.  صوتك  امانه اما للنار او للجنه . 
ولما كان الامر كذلك فإما انهم نسوا او تناسوا ان من اعطاهم كل هذا الذى هم فيه الآن هم ثوار مصر شباباً وشيوخاً  رجالاَ ونساءَ ليس لهم هدف لانشاء دويلات اخرى انما هدفهم وحده مصر فى دوله واحده مركزية قويه ذات سياده

شباب الثورة ليست لهم  مطالبهم فئويه فلم تنجح معهم محاولات  تحويلهم الى كراسى فى البرلمان . شباب الثورة لا يبحث عن الثروة  كل ما يريده لشعب مصر الحقيقى والذى هو جزء منه هى العيش و الحرية والعداله الاجتماعيه والكرامه.
أهذا كثير على شعب مصر المحروسه ام ان دويلاتكم اهم من مصر  دويلاتكم يا من تبحثون عن دويله و امبراطورياتكم الوهمية يا من تبحثون عن امبراطورية الخلافه ليكون المرشد العام فيها أميراً للمؤمنين.  لن تخدعوا  المصريين الشرفاء الاحرار الاوفياء لمصر.  ففى عقيدتهم " مصر فوق الجميع"  و الدليل كان يوم 25 يناير 2012 و الايام التاليه له
وأقول لكم بالبلدى كده (اصحوا ---- فوقوا ---- قطار الثورة لن يسمح لكم بتكوين دويلاتكم  مرة اخرى  قطار الثورة  يصرخ ويقول
عاشت مصر حرة مستقله  وحده واحده فوق الجميع...