لغة القرآن هى ...
لغة آدم
عليه السلام ..
عندما هبط آدم عليه السلام إلى الأرض ،
كانت الكلمات الفطريّة التي تعلّمها من الله تعالى اللغةَ الأولى للإنسانيّة ، ومع
الزمن بدأت لغات البشر تتفرّع وتتوسّع باتجاهات مختلفة ، فحافظت بعض اللغات على
بعض المفردات الفطريّة ، وهذا ما يُفسِّر وجود بعض المفردات القرآنيّة في لغات
أُخرى .. ومع الزمن قلَّ استعمال بعض هذه المفردات الفطريّة عند قوم العرب الذين
احتوت لغتهم القوميّة على جميع المفردات الفطريّة ، وهذا ما يُفسِّر قول بعض أفراد
الأجيال الأُولى بأنّ بعض الكلمات القرآنيّة ليست عربيّة ..
إنّ كلّ اللغات العالميّة ( ما عدا
المفردات القرآنيّة ) هي لغات وضعيّة تفرّعت وابتعدت عن اللغة الفطريّة التي نزل
بها آدم عليه السلام ، وتقترب هذه اللغات من الفطرة ، وتبتعد عنها ، بمقدار
اقترابها وابتعادها عن اللغة الفطريّة التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام ..
وهكذا فإنّ اللغة الفطريّة التي تحمل
مفاتيح التسمية الحق لكلِّ ما هو موجود في هذا الكون ، انحصرت داخل إطار لغة حافظت
عليها أمّة فطريّة ، استمرّت بفطرتها منذ آدم عليه السلام إلى محمّد "
صلى الله عليه وسلم" ... لقد
وضعت هذه الأمّة الكثير من المسمّيات الوضعيّة داخل لغتها ، لكنّها حافظت على
المفردات التي نزل بها آدم عليه السلام ..
وحسب بعضهم أنّ بعض المفردات القرآنيّة
التي قلّ استعمالها عند العرب وانتقلت إلى لغات أُخرى ، أو حافظت عليها لغات أخرى
.. حسبها ليست عربيّة بالمعنى القومي .. مع أنّها عربيّة بالمعنى الفطري الموحى من
الله تعالى ، واستعمالها القومي لا يلغي فطريّتها ، لأنّها أصلاّ ليست وضعيّة من
قبل البشر .. بل هى لغة السماء.
إنَّ صفةَ الأميّة – كما سنرى إن شاء الله
تعالى – هي صفة الفطرة وعدم التأثّر بالمجتمعات المحيطة .. وبالتالي فإنَّ أُميّة
اللغة تصف تماماً مجتمع الجزيرة العربيّة المعزول حضاريّاً - بشكل نسبي - عن
الأُمم الأُخرى ، والذي لا يملك ما يفتخر به إلاّ اللغة .. فهو مجتمعٌ أُمّيٌّ
فطريٌ تحمل لغتُه اللغةَ الفطريّة منذ آدم عليه السلام إلى محمّد "
صلى الله عليه وسلم" ، بل إلى قيام الساعة ، إضافة إلى ما أضافه
ويضيفه هذا المجتمع من تسميات للمسائل عبر تاريخه الحضاري ..
وحكمة الله تعالى اقتضت أن يُنزِّل منهجه
المُعجِز للبشريّة جمعاء ، والحامل لمنهج الهداية للبشريّة جمعاء ، بلغة فطريّة
أوحاها لأبي البشريّة جمعاء ( آدم عليه السلام ) ، على رسول أُمّيٍّ فطري ، يعلم
اللغة الفطريّة الموحاة من الله تعالى ، وينتمي إلى مجتمع أُمّي فطري يعلم هذه
اللغة الفطريّة ، حتى يكون هذا المنهج وهذه المعجزة للبشريّة جمعاء التي تفرّعت
لُغاتها عن لغة صياغة هذا المنهج ..
وهكذا فآدم عليه السلام تعلّم المفردات
الفطريّة من الله تعالى في عالم الأمر ، وهبط بها إلى الأرض كأوّل إنسان مُمتحن
على هذه الأرض .. ومحمّد " صلى الله عليه
وسلم" نزل عليه قول الله تعالى من العالَم ذاته ( عالم
الأمر ) كآخر رسول على وجه الأرض .. فالمسألة بدأت بآدم عليه السلام واكتملت
بمحمّد " صلى الله عليه وسلم" ، لتشمل البشريّة جمعاء ،
عبر منهج ومعجزة للبشريّة جمعاء ..
من كتاب المعجزه الكبرى
للمفكر الإسلامى / عدنان الرفاعى