الجمعة، 11 أبريل 2014

فتح يأجوج ومأجوج كتبه: محمد مأمون رشيد‎‎




فتح يأجوج ومأجوج

مقدمه...
تابعت ما كتبه الأستاذ/ محمد مأمون رشيد وأعجبنى منهج التفكير والتدبر فى آيات الله تعالى عما ينقله لنا مشايخ الجهل والتكفير من تعظيم النقل على العقل، ولهذا رأيت أن أنشره هنا فى المدونه علّه يكون نبراسا لمن أراد أن يخطوا خطاه فى محاولة لتدبر آيات الله تعالى بعيداً عن الفكر المتحجر الذى أجبرونا على العيش فيه أكثر من ألف عام.. {طارق عبد الحميد}
فتح يأجوج ومأجوج
حدثان من أحداث الساعة وليسا علامتين من علاماتها، فالساعة تأتي بغتة دون علامات.
إذا حاولنا فهم كتاب الله سبحانه وتعالى ، بمعزل عن الروايات الملفقه المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على اعتبار أن من نقل هذه الروايات إلينا هم بشر مثلنا يصيبون ويخطئون ، وأن هذه الروايات قد تصح نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تكون مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،وضعها الوضاعون، قبل عصر تدوين الحديث في القرنين الثاني والثالث الهجريين .حيث كانت الأحاديث تتناقل مشافهة بين الناس.
وإذا صحت نسبة هذه الروايات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن المفروض أن لا  تجد بينها وبين كتاب الله سبحانه وتعالى أي تعارض أو اختلاف  .
ولكننا قبل أن نبدأ بقراءة الآيات الكريمة التي تتحدث عن فتح يأجوج ومأجوج وخروج الدابة، نجد أن هذه الروايات تعارض كثيرا من الآيات الكريمة في كتاب الله سبحانه وتعالى الذي يبين أن الساعة تأني بغتة،دون علامات لاصغرى ولا كبرى وأن أشراط الساعة قد جاءت وانقضت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا:
"
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها " (محمد:8)
وهذه الآية الكريمة وضعت البشرية في حالة ترقب وانتظار للساعة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان " فهل ينظرون" ،وإذا قلنا أن للساعة علامات لا تأتي الساعة إلا بعد مجيء هذه العلامات ، فإننا لا نستطيع القول: أن الساعة تأتي بغتة، وبدلا من أن نترقب وننتظر الساعة" فهل ينظرون" نترقب وننتظر علامات الساعة، وهذا هو واقع الأمة اليوم فالأمة اليوم لا تتنتظر الساعة، وإنما تتنتظر علاماتها.
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة الكهف:
"
حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ ٱلسَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًۭا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًۭا ، قَالُوا۟ يَٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى ٱلْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰٓ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّۭا ، قَالَ مَا مَكَّنِّى فِيهِ رَبِّى خَيْرٌۭ فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا "
يتبين لنا من الآيات الكريمة السابقة ما يلي :
أولا : قوم يأجوج ومأجوج هم من البشر وليسوا حمما بركانية أو مياه كبريتية كما أحب بعضهم أن يصورهم لنا.
ويتبين لنا أن يأجوج ومأجوج كانوا بشرا من عبارة : " إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ". التي جاءت في الآية الكريمة .
كلمة (مفسدون)، هي جمع مذكر سالم ، وجمع المذكر السالم لا يستخدم في اللغة العربية لغير العاقل .
ثانيا : يأجوج ومأجوج أقوام كانوا يعيشون فوق الأرض في زمن ذي القرنين ، ولم يكونوا في جوف الأرض.
ويتبين لنا ذلك من قول القوم الذين طلبوا من ذي القرنين بناء السد : " فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰٓ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّۭا"
فهؤلاء طلبوا من ذي القرنين بناء سد يفصل بينهم وبين يأجوج ومأجوج ، ولم يطلبوا منه أن يبني سدا فوق يأجوج ومأجوج .
ولو كان يأجوج ومأجوج حمما بركانية أو أي شي آخر في جوف الأرض ، لطلبوا من ذي القرنين بناء السد فوق يأجوج ومأجوج وليس بينهم وبين يأجوج ومأجوج .
وهذا ما فعله ذو القرنين بالضبط ، بنى بينهم وبين ذي القرنين ردما :
"
أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا"
إذا هو لم يجعل الردم فوق يأجوج ومأجوج ، ولو كانوا في باطن الأرض لجعل الردم فوقهم.
إذا حاولنا تدبر الآيات التي تتكلم عن يأجوج ومأجوج في كتاب الله سبحانه وتعالى، بعيدا عن الروايات المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي أزعم أنها مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضعها الدجالون في القرنين الثاني والثالث الهجريين قبل تدوين الحديث، يتبين لنا الأمور التالية :
1.    وجود سد يأجوج ومأجوج حقيقة قرآنية ، نؤمن بوجوده دون أن نراه " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقنهم ينفقون" فالإيمان بوجود السد هو إيمان بالغيب، وكل من يؤمن بالغيب يؤمن بوجود السد، لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن السد في كتابه الكريم .
2.    سد يأجوج ومأجوج سد صغير، يصل بين جبلين " حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا" والصدفان هما الجبلان.
3.    هذان الجبلان كانا يشكلان جرفين صخريين يصعب تسلقهما ،لهذا وصفهما الله سبحانه وتعالى بالسدين: "حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا"
4.    سد ياجوج ومأجوج لم يكتشفه أحد حتى الآن، وقد يكون مدفونا تحت الأرض، فقد وجدت آثار كثيرة ومدن كبيرة من آثار الأمم السابقة مدفونة تحت الأرض. مع أن هناك دراسات تؤكد وجود السد في جبال القوقاز، ونحن لا ننفي ذلك ولا نثبته.
5.    القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا طلبوا من ذي القرنين بناء سد يحميهم من هجمات يأجوج ومأجوج، ولم يطلبوا منه بناء سد يحيط بيأجوج ومأجوج من جميع الجهات ،و يمنعهم من الاتصال بالعالم الخارجي، بحيث يبقى قوم يأجوج ومأجوج محصورين خلف السد، حتى آخر الزمان
6.    قوم ياجوج ومأجوج وكذلك القوم الذين طلبوا بناء السد ، لا بدَّ أنهم قد اختلطوا بالشعوب الأخرى، وأصبحوا جزءا من هذه الشعوب.
7.    الروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تزعم أن أعداد ياجوج ومأجوج بالمليارات، ويتبين لنا ذلك من الحديثين التاليين اللذان رواهما مسلم:
الحديث الأول : ”…فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي، لا يدان لأحد بقتالهم. فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج. وهم من كل حدب ينسلون. فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية. فيشربون ما فيها. ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه، مرة ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه. حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه. فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم. فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض. فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم..." ( رواه مسلم )
الحديث الثاني: (عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك قال يقول أخرج بعث النار قال وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فذاك حين يشيب الصغير " وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " قال فاشتد ذلك عليهم قالوا يا رسول الله أينا ذلك الرجل فقال أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل......." ( رواه مسلم )
8.    من الغباء الاعتقاد بأن المليارات من البشر ما زالوا محصورين خلف سد صغير( كما يُفْهَمُ من الأحاديث) ، ولم تكتشقهم الأقمار الصناعية حتى الآن. ولن يخرجوا من خلف السد حتى يتهدم السد في آخر الزمان، ويكونون علامة من علامات الساعة.
9.    من يتدبر الآيات القرآنية في سورتي الكهف والأنبياء يتبين له أن السد لن يتهدم قبل قيام الساعة،وهو اليوم الذي يجعل الله سبحانه وتعالى فيه السد دكا، أي أن فتح يأجوج ومأجوج هو حدث من الأحداث المصاحبة لقيام الساعة وليس علامة من علاماتها . وهذا ما سنبينه إن شاء الله سبحانه وتعالى في حول يأجوج ومأجوج .
يقول الله سبحانه وتعالى عن ردم يأجوج ومأجوج : "قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌۭ مِّن رَّبِّى ۖ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُۥ دَكَّآءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقًّۭا ،وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ يَمُوجُ فِى بَعْضٍۢ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا”(الكهف:98 ، 99)
على ماذا تدل كلمة " يومئذ" في الآية الكريمة؟
      لا شك أنها تدل على اليوم الذي يجعل الله سبحانه وتعالى السد دكاء ، وهو نفس اليوم الذي يترك الله سبحانه وتعالى البشرية تموج يعضها في بعض وهو نفس اليوم الذي ينفخ فيه الصور."وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ يَمُوجُ فِى بَعْضٍۢ ۖ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَٰهُمْ جَمْعًۭا"
فاليوم الذي يجعل الله سبحانه وتعالى ردم يأجوج ومأجوج دكاْء؛ هو نفس اليوم الذي ينفخ فيه في الصور كما هو واضح في الآية الكريمة .

        يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء: " وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97(
        كلمة ” ينسلون” وردت في القرآن الكريم مرتين فقط. هنا في سورة الأنبياء، وفي سورة يس الآية:51 وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ” ولا شك أن كلمة " ينسلون " تدل على نفس المعنى في الآيتين الكريمتين، وهو خروج الناس من الأرض يوم القيامة.

      أما فاعل كلمة ينسلون في الآية الكريمة “حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍۢ يَنسِلُونَ " فيرجع إلى البشرية جمعاء ولايرجع إلى يأجوج ومأجوج حصرا، ويتبين لنا هذا من الآية السابقة لهذه الآية الكريمة ، والتي تتكلم عن قرى أهلكها الله سبحانه وتعالى ، فهؤلاء لن يرجعوا قبل يوم القيامة: ” وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون "
جاء في الآية 97 من سورة الأنبياء عبارة " واقترب الوعد الحق" .
فما هو الوعد الحق ؟
يقول الله سبحانه وتعالى قي سورة الأعراف الآية 44: "وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا"
إذا الوعد الحق هو الحساب والجزاء، الجنة والنار، التي تلي النفخ في الصور يوم القيامة.
وهذا يوضح أن فتح يأجوج ومأجوج هو حدث من أحداث الساعة وليس علامة من علاماتها
وعلى الله قصد السبيل