الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

-5- الماضى ... طريق الى المستقبل



-5- الماضى ...
   طريق الى المستقبل

التجاره ةالصناعه ... ومحمد على

احتكر محمد علي تسويق الحاصلات الزراعية في الداخل. وفي التجارة قامت الدولة بالبيع للتجار في الداخل والبيع في الخارج لحساب الحكومة بواسطة وكلاء في الموانئ الأوروبية.  كما احتكرت الحكومة الواردات، و كان محمد علي لا يشجع الاستيراد كثيراً، إذ كان يري أن الدولة القوية هي التي تزيد صادرتها عن واردتها.
        وكانت أحوال الصناعة متدهورة قبل عهد محمد علي، و كان احتكار الإنتاج الحرفي وسيلة محمد علي للإرتقاء بالصناعة لكي تحقق أهداف بناء القوة الذاتية للبلاد، بدون اللجوء للاستيراد.
أنشأ محمد علي المصانع في مجالات عديدة، منها 18 معملاً لنسج وغزل القطن و الكتان والحرير، وأنشأ معملاً كبيراً لصناعة الطرابيش في مدينة فوه، و معامل السكر في الصعيد، والمصابغ و معامل السباكة " سبك المعادن" ــ مش أصلح بوابير الجاز أعمر ــ وغيرها.
        ومن خلال نظام الاحتكار كانت الحكومة تقوم بإمداد المصانع بالمواد الخام اللازمة للصناعة بالثمن الذي تحدده الحكومة ، ثم تقوم بشراء المنتجات المصنعة بالسعر الذي تحدده أيضاً.  وساعدت هذه السياسة  ــ محمد علي ــ في تطوير الإنتاج الصناعي وقام بإنشاء مصانع حكومية لتوفير الصناعات المطلوبة و استقدم خبراء من الخارج من إيطاليا و فرنسا و إنجلترا .
        كما أجبر مشايخ الحارات علي جمع الصبية للعمل في المصانع إجبارياً، وقام بتخصيص بعثات للخارج منذ عام 1809 م لإيطاليا و فرنسا والنمسا و انجلترا  من هؤلاء الصبيه لدراسة فنون الصناعة المختلفة وترجمة الكتب الصناعية.
 ولكن للأسف،  المصانع الكثيرة التي بناها محمد علي لم تدم كثيراً، واصابها التدهور في أواخر عهد محمد علي، حيث لم يعد قادراً على الحكم، ويُقال ان أمراض الشيخوخه والألزهيمر داهمته فى سنوات عمره الأخيره.
 وهناك رأى يقول أن أسباب ذلك كانت:
·       أن غرض محمد علي من الصناعة كان بناء قوة عسكرية كبيرة لمصر تساعده في بناء امبراطوريته. فلما انهارت آماله في بناء امبراطوريته و اضطر للخضوع للشروط الأوروبية بتقليص عدد الجيش، انتفي الغرض من الصناعة و لم يعد هناك جيش كبير لتخدمه.
·       أن الصناعة قامت علي تدخل الحكومة في كل صغيرة و كبيرة بداية من تحديد ما يزرعه الفلاح و نهاية بتسويق منتجات المصانع في الداخل والخارج. فلما خضع محمد علي لشروط الدول الأوروبية في معاهدة لندن، اضطر لفتح أسواق البلاد للمنتج الأجنبي وتقليص دور الحكومة في الصناعة، فانهارت الصناعة.
ولهذا أقول أنا طارق عبد الحميد أن من أهم الدروس التى يجب أن نتعلمها من الماضى
·       أن لا نخضع لأى ضغط أجنبى مهما كان ومن أى من كان.. كما يجب أن تتحكم الدوله بقدر كبير فى التخطيط لمستقبل هذا الوطن، وأن تكون قادره على تنفيذ خططها دون إبطاء، وأن يلتزم الجميع .. وأكرر الجميع .. بالعمل على التنفيذ وفقط التنفيذ ــ كفانا فتاوى سواء كانت شرعيه أو سياسيه أو إقتصاديه لا طائل منها إلا الإحباط.
·       علينا الإستعانه بأهل الخبره التنفيذيه وأن يتمتع كل منهم أولا وأخيرا بحب مصر المحروسه ــ لا حب الذات والأنانيه ــ التى نعشقها هذه الأيام.
·       إذا كان محمد على فشل فى الإبقاء على مصانعه كما يدعون لإنتهاء حلمه بالإمبراطوريه الكبرى التى كان يطمح اليها .. فلا شك أنه قد أعطانا درساً فى معرفة أعداءنا منذ زمن بعيد، كذلك من أين تأتى المخاطر ــ من حدودنا الشرقيه غالباً ــ ولهذا أراد تأمين تلك الحدود بكل السبل والوسائل المتاحه فى هذا العصر.
 وطالما لا نحلم نحن المصريين بإمبراطوريه كإمبراطورية محمد على باشا، إنما حلمنا حلم بسيط فى الحريه والكرامه والعداله،  فالأولى أن نحاقظ على مصانعنا ولا ندع يد التخريب تمتد إليها.
فى القادم قد نتحدث عن جيش محمد على .. كيف أنشأه ومن تولى إدارته وقيادته..



-4- الماضى ... طريق الى المستقبل





-4- الماضى ...
      طريق الى المستقبل

الزراعه ... ومحمد على
كانت لمحمد على رؤيه شامله لمصر  VISION ومستقبليه أيضاً، وكان دائم الإستعانه بأهل الخبره من أى مكان فى العالم، لم يتكبر يوماً على العلم أو العلماء وكان يستمع جيدا لآراءهم ثم يتخذ قراره.. وإن إختلفت مع بعض قراراته، فالنظر الى ما كانت عليه مصر إبان حكمه لا تدع لنا مجالا إلا أن نحترم هذه الشخصيه على أقل تقدير..
فقد نظم محمد علي الاقتصاد المصري في أوجه كثيره منها الزراعة و الصناعة و التجارة علي قاعدة الاحتكار الحكومى ، بمعني أن تقوم الحكومة بوضع خطط الزراعة و الصناعة والتجارة مثل تحديد نوع الغلات التي تزرع، ونوع المصنوعات التي تنتج، وتحديد أثمان شرائها من المنتجين وأثمان بيعها في السوق. فالاحتكار هنا بمعني آخر، نوع من التوجيه الاقتصادي تحت إشراف الدولة.  " والذى ترفضه الدوله الآن بإدعائها أن سياسه حرية الأسواق هى السياسه التى يتبعونها.. وهذا أيضا على إعتبار أننا نملك فوائض إنتاج رهيبه مع أننا دوله نعيش على المعونات للأسف، وعجز الميزان التجارى يصب فى الغالب لصالح مجموعه من التجار أقل وصف لهم الآن أنهم من آكلى لحوم البشر"
       ففي الزراعة قام محمد علي في خلال فترة لا تتعدي ست سنوات بتغيير أوضاع الزراعة والملكية الزراعية تماما ، فقد قام بإلغاء نظام الالتزام الذي كان رمزاً للظلم الإجتماعي والإقتصادي الذي مارسه الملتزمين ضد الفلاحين. كما قام محمد علي بمصادرة أراضي الملتزمين وقام بتسجيلها باسم الدولة، كما ضبطت أراضي الأوقاف لصالح الدولة، و كذلك المساحات التي عجز أصحابها عن إثبات حيازتهم لها.
أعاد محمد علي بعد ذلك توزيع مساحات الأرض علي الفلاحين بحيث خص كل أسرة ما بين 3-5 أفدنة حسب قدرة كل منها، ــ وهذا ما فعله عبد الناصر ايضا بما اسماه بقانون الاصلاح الزراعى ــ، وذلك للانتفاع بها بشرط دفع ما تقرره الحكومة من ضرائب وأموال، ولا تنزع الأراضي من المنتفع إلا إذا عجز عن دفع ما عليها من أموال. ــ وكيف يعجز وقد ضمن شراء محصوله كاملا من الدوله ــ.
       أدت هذه الإجراءات في ملكية الأراضي إلي ظهور 3 أنواع من الملكية الزراعية: الملكية الكبيرة وهي الأبعاديات و الجفالك وهي أراض واسعة أنعم بها محمد علي علي أفراد أسرته وكبار الحاشية وبعض الأجانب وشيوخ قبائل البدو. و الملكية المتوسطة وهي أراضي الوسية التي كانت للملتزم حيث تركها له محمد علي يحتفظ بها طوال حياته وأراضي المسموح وهي أراضي أعطاها محمد علي لمشايخ البلاد و كبار الأعيان بنسبة 5%  من زمام القرية معفاة من الضرائب مقابل الخدمات التي يقومون بها للحكومة من حيث استضافة موظفي الحكومة في المهام المختلفة. أما الملكية الصغيرة فهي ملكية الانتفاع للفلاحين من 3-5 أفدنة لكل أسرة.
       كما قام محمد علي بتطوير الزراعة عن طريق : إحلال أساليب زراعية جديدة من شأنها زيادة الانتاج و تقليل الجهد، و استقدم  أمهر المدربين من كل مكان وحدد الواجبات والمسؤليات.    ــ يعنى بلغة الإداره خطط ووضع الوصف الوظيفى الكامل لكل وظيفه وحدد الواجبات والمسؤليات ــ،  وكذلك الاهتمام بالتعليم الزراعي من استقدم الخبراء الزراعيين من الخارج و أنشأ مدرسة للزراعة.
 وكانت كل محاصيل الأراضي الزراعية تباع للحكومة، التي تقوم بتوريد جزء منها لمصانعها و أسواقها. و جزء آخر للوكلاء الأوروبيين تمهيداً لتصديرها للخارج. ــ بمعنى سيطرة الدوله على الإنتاج ــ.
 وقام بتحسين طرق الري عن طريق شق ترعة المحمودية والخطاطبة في البحيرة ، ومد ترعة الجعفرية و ترعتا مسد الخضراء، والبقيدي في الغربية، والنعناعية و السرساوية والباجورية في المنوفية وغيرها من الترع في وجه بحري. كما قام بأجل أعماله علي الاطلاق في الزراعة بإنشاء  القناطر الخيرية ، ونتج عن ذلك تحويل أراضي الوجه البحري إلي نظام الرى الدائم..
 كما أدخل أنواع جديدة من الزراعات مثل أشجار التوت لتربية دود القز ونبات النيلة الهندية والدخان وتحسين زراعة القطن" طويل التيله" وهو أرقى أنواع القطن فى العالم حتي بدأت مصر في تصديره منذ عام 1827 م.
والسؤال هنا ...
هل يمكننا الآن الأخذ ببعضٍ مما أخذ به محمد على فى إداره شؤون مصر المحروسه؟
هل يمكننا الإستفاده من تجارب الماضى؟ أم علينا أن نهيل عليه التراب ونقول ــ والماضى إحنا مالنا وماله ــ الله يرحمك يا ليلى.