الأربعاء، 28 مارس 2012

ومن لم يحكم بما أنزل الله

ومن لم يحكم بما أنزل الله

بقلم / طارق عبد الحميد
اكثر ما يؤلمنى أن يقرر السلفيون ـ مدعوا العلم ـ بأنهم أعلم الناس بكتاب الله وهم ليسوا كذلك. وأنهم أكثر الناس حرصاً على تطبيق شرع الله وأنهم أكثر الناس معرفة بهذا الشرع. وتسمع منهم أنصاف آيات من كتاب الله يدللون به على مرادهم وهم إمّا لا يعلمون ماذا تعنى تلك الآيات أو يعلمون ويضللون البسطاء أو حتى بعض المتعلمين.
هؤلاء الذين لا يعرفون من الدين سوى اللحيه والجلباب القصير أعطوا عقولهم راحة ابديه لا يريدون معرفه الحقيقه, لدرجة تقديسهم الروايات عن النص القرآنى, بينما يصفون من يقدس النص القرآنى عن الروايات التى منها الصحيح والموضوع  يصفون ألائك بالقرآنيون ويدعون أنهو من الكافرين والعياذ بالله , لماذا لأنهم يرفضون فكرهم الموروث والمغلوط أحيانا وبأن فقط ما قاله الأولون هو الصحيح وكأن الأولون هم العارفون وما نحن الا تابعين, وكأن الزمن توقف عند القرن الرابع الهجرى ولم يتقدم بنا حتى الآن. يعنى ــ بالبلدى كده إحنا لسه سنه 412 أو 512 هـ ــ وأننا نعيش عصر النعمان والجمال الحمراء أو عصر الخليفه العباسى والجوارى ترقص من حولنا أو ما شابه.
وعندما يقول قائل تفسيراً ما, ينطلق بوق التكفير من أفواههم بلا هواده ليقولوا لك " هو انت دارس دين , ودارس لغه عربيه, ونحو وصرف, وبلاغه وأدب وعلم مصطلح الحديث وعلوم الجرح والتعديل وعلوم الإسناد, ويعطيك الإحساس بأن الله انزل هذا القرآن عليهم فقط دون باقى البشر. وأنك لكى تفهم مراد الله لك كبشر عليك أن تضع عقلك فى صفيحة مِشْ وتسيب نفسك لهم لأنه يخترعون الذرّه.
فإن فسًّر مهندس مثلا آيه, يقولون له " خليك فى الرمل والزلط والحديد, مالك ومال التفسير, " و مع أن القرآن لكل البشر وكل الناس عليهم تدبُّره ولكن عن طريقهم فقط كما بينّا فى مقال " إسألوا اهل الذكر".
والحديث اليوم عن آيات يتناقلها أئمة المساجد السلفيه بإستمرار ويقولون لنا مع كل يوم جمعة " من لم يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الكافرون" ولما بحثت عن تلك الآيات بدافع المعرفه والفهم وجدتها فى سورة المائده كالتالى : ــ
يقول الله تعالى " إِنَّا أَنزَلۡنَا التَّوۡرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحۡكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسۡلَمُوا۟ لِلَّذِينَ هَادُوا۟ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحۡبَارُ بِمَا اسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُوا۟ عَلَيۡهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخۡشَوُا۟ النَّاسَ وَاخۡشَوۡنِ وَلاَ تَشۡتَرُوا۟ بِآيَاتِى ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوۡلَـٰٓئِكَ هُمُ الۡكَافِرُونَ  44 كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَا أَنَّ النَّفۡسَ بِالنَّفۡسِ وَالۡعَيۡنَ بِالۡعَيۡنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالۡجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوۡلَـٰٓئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  45  لۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوۡلَـٰٓئِكَ هُمُ الۡفَاسِقُونَ  47 وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 48 وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ   49 أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ 50 



والآيه الأولى تقول إنا أنزلنا التوراة فيها إرشاد من الضلالة, وبيان للأحكام, وقد حكم بها النبيُّون - الذين انقادوا لحكم الله, وأقروا به- بين اليهود, ولم يخرجوا عن حكمها ولم يُحَرِّفوها, وحكم بها عُبَّاد اليهود وفقهاؤهم وكان الربانيون والأحبار شهداء على أن أنبياءهم قد قضوا في اليهود بكتاب الله. ويقول تعالى لعلماء اليهود وأحبارهم: فلا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي; فإنهم لا يقدرون على نفعكم ولا ضَرِّكم, ولكن اخشوني فإني أنا النافع الضار ولا تحكموا بغير ما أُنزل اليكم .

وفى الآيه التاليه : وفَرَضنا عليهم في التوراة أن النفس تُقْتَل بالنفس, والعين تُفْقَأ بالعين, والأنف يُجْدَع بالأنف, والأذُن تُقْطع بالأذُن, والسنَّ تُقْلَعُ بالسنِّ, وأنَّه يُقْتَصُّ في الجروح, فمن تجاوز عن حقه في الاقتصاص من المُعتدي فذلك تكفير لبعض ذنوب المعتدى عليه وإزالةٌ لها. ومن لم يحكم بما أنزل الله في القصاص وغيره, فأولئك هم المتجاوزون حدود الله.
ثم يقول تعالى لأهل الإنجيل وليحكم أهل الإنجيل الذين أُرسِل إليهم عيسى بما أنزل الله فيه. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الخارجون عن أمره, العاصون له.
وأنزلنا إليك - أيها الرسول- القرآن, وكل ما فيه حقّ يشهد على صدق الكتب قبله, وأنها من عند الله, مصدقًا لما فيها من صحة، ومبيِّنًا لما فيها من تحريف، ناسخًا لبعض شرائعها, فاحكم بين المحتكمين إليك من اليهود بما أنزل الله إليك في هذا القرآن, ولا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهوائهم وما اعتادوه, فقد جعلنا لكل أمة شريعة, وطريقة واضحة يعملون بها. ولو شاء الله لجعل شرائعكم واحدة, ولكنه تعالى خالف بينها ليختبركم, فيظهر المطيع من العاصي, فسارعوا إلى ما هو خير لكم في الدارين بالعمل بما في القرآن, فإن مصيركم إلى الله, فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون, ويجزي كلا بعمله.
واحكم - أيها الرسول- بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن, ولا تتبع أهواء الذين يحتكمون إليك, واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به, فإن أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم.
أيريد هؤلاء اليهود أن تحكم بينهم بما تعارف عليه المشركون عبدةُ الأوثان من الضلالات والجهالات؟! لا يكون ذلك ولا يليق أبدًا ومَن أعدل مِن الله في حكمه لمن عقل عن الله شَرْعه, وآمن به, وأيقن أن حكم الله هو الحق؟
هذا التفسير من تفسير الميسر والجلالين لمن أراد البحث.... أما تفسيراتهم المُعْتمَدَه فهى فقط ابن كثير والقرطبى وهم من المعروفون بعصور التشدد التى كانت بدايه إنهيار الإمبراطوريه الإسلاميه .
ألم يكفكم ما حدث للمسلمين آن ذاك ... يبدوا لى أنهم يبحثون لنا عن نفس المصير .... يا رب أُستر