الخميس، 10 أكتوبر 2013

الدين والدوله .. بين الوهم والحقيقه طارق عبد الحميد




الدين والدوله ..
بين الوهم والحقيقه

طارق عبد الحميد
        حوار دائم يتزعمه صراع بين فصل الدين عن الدوله، وكأننا تمكنا من حل كل مشكلاتنا الحاليه والآنيه ولم يتبقى لنا فى الحياه إلا ذلك الصراع الجدلى الذى لا نهاية له..
وعليه، هيا بنا نحلل مفردات هذا الجدل الدائر لعلنا نصل الى حل يرضى عنه العقلاء. ولنبدأ بالتعريفات:-
الدولة:-
تجمع سياسي يؤسس كيانا له اختصاص سيادي في نطاق إقليمي جغرافى محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.
        وعليه حديثاً، فإن العناصر الأساسية لأي دولة هي حكومة وشعب وإقليم، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذا الكيان (أى بهذه الدولة)، ذلك يكسبها الشخصية القانونية الدولية المستقله.
       وهنا يجب علينا التمييز بين الدولة ومفاهيم أخرى مثل:-
·       البلد .. تدل على منطقة جغرافية ذات حدود معترف بها.\
·       والأمة.. ترمز إلى مجموعه من البشر تجمعهم اعتبارات مشتركة (اصول وتاريخ).
·       والدولة .. تشير إلى مجموعة من مؤسسات الحكم ذات سياده على أرض وسكان محددة.
أما الدين فتعريفه كالتالى:-
الدين:-
        الدين إيمان وعمل ، إيمان بوجود قوى خارقة فوق طبيعة البشر العقلية( الإله) ، ولهذه القوى تأثير في مجرى حياة الإنسان . وعمــل ، في أداء فرائض وشعائر وطقوس معينة يفرضها هذا الإعتقاد وهذا الدين.
والدين كما جاء في اللسان [ لسان العرب] هو الطاعة. ومن الدين جاءت لفظة ديان. وهى من أسماء الله ، ومعناها الحَكَم والقاضي ويوم الدين هو يوم الجزاء، أي يوم الحساب.  كما جاء في القرآن :{ مالك يوم الدين } سورة الفاتحة.. .{ وما أدراك ما يوم الدين }[ الانفطار : 17]..
        فالدين إذن علاقة بين الإنسان والله ، فهو ( عبادة ) ناتجة عن إيمان بعد قناعه، وإيمان مطلق فيه تسليم بما هو خارج عن نطاق العقل البشرى وإدراكه ، وعن عمل ملموس، هو نتيجة هذا الإيمان.  والعمل يكون بالممارسات الإنسانية من صلاة وصوم وتقديم ذبائح وفروض.
وهنا نتسائل، ما علاقة الدين بالدوله؟ وهل هناك إرتباط بين دين الفرد ودين الدوله؟ وهل يحاسب الله البلاد أم يحاسب العباد؟
        وتتكاثر التعريفات وتتناثرالآراء أمامنا لدرجه تفقدنا التركيز لنقيم رأياً أو لنتخذ موقفاً.. ولهذا حاولت أن أُبسك الأمر للجميع وأعرض لبعض وجهات النظر المعتدله التى لا تستغل الدين فى السياسه والتى لا تلعب بالسياسه على حساب الدين..
عبداالله تركماني فى مقاله يوم 8/ 11 /2012 فى الحوار المتمدن يقول:-
"تحتل إشكالية العلاقة بين الدين والدولة مكانة هامة في مجال التفكير والبحث العلمي، مما يثير مجموعة من الأسئلة: هل ثمة ضرورة لعلاقة ما بين الدين والدولة ؟ وإذا كان الجواب بنعم كيف تكون ؟ وما هي تجلياتها ومحدداتها وحدودها".. علاقه بين دين ودوله بين رسالات أنزلها الله للبشر الى علاقه بين أطياف وعرقيات مختلفه تعيش فى دوله واحده ويمكن ديانات مختلفه أيضاً.
"وفي سياق هذه التساؤلات يجدر بنا أن نعلم أنّ الفيلسوف الألماني هابرماس قد أطلق على المجتمعات الغربية عبارة " المجتمعات ما بعد العلمانية "، حيث أوضح أنه لم يعد من الممكن إقصاء الدين من الحوار العمومي حول القيم المدنية الضابطة للشأن الجماعي. إنها العودة إلى مشروع كانط في كتابه المثير " الدين في حدود العقل "، حيث ذهب الفيلسوف الألماني الكبير إلى الدعوة للفصل بين الجانب الوضعي في الدين (المنظومة العقدية) والمضمون القيمي والأخلاقي الذي يمكن أن يكون مادة ثرية للتعقل ومصدراً لا غنى عنه لتوطيد الواجب الأخلاقي.".. سيحتج المتأسلمون على أن الدين من عند الله ولا يمكننا تغييره وأقول إنه قول حق ولكن ألم تغيروه أنتم بآرائكم وتفسيراتكم المريضه وأحاديثكم الموضوعه والملفقه فيه..
ويضيف السيد / تركمانى  "فقد توصلت أغلب الدراسات إلى أنّ هنالك أزمة بنيوية للفكر والخبرة الإسلامية في تحديد خطوط الاتصال والانفصال بين الدين والدولة. مما يطرح مجموعة عناصر، من أهمها:
- الحاكمية في مواجهة الأمة، باعتبارها الوعاء الذي ينتظم في إطاره الأفراد، ويتآلفون في كنفه على { تقوى الله والإيمان بـه }. ويحيل هذا المفهوم للأمة على أسئلة مركزية، في سياق النظر في علاقة الحركات الإسلامية بالمجال السياسي، لعل أبرزها معيار الانتماء لديها: هل هو عَقَدي ديني محض ؟ أم سياسي ؟ أم ثقافي قيمي ؟ أم كل هذه العناصر مجتمعة وإن اختلف ترتيبها في سلم الأهمية ؟  حيث تظل الأسئلة الأساسية التي يثيرها الحديث عن دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية بلا إجابة‏.."
        وهنا علينا أن نشير الى أن ما حدث فى مصر امامنا الآن خير تعبير عن الحقيقه، والتى عاشت جماعة الإخوان تروج لها منذ عام 1928 وحتى عام 2012 تسلموا مقاليد الحكم والسلطه والإمامه العظمى وأى حاجه تانيه عايز تسميها سميها والنتيجه صفر لا مشروع ولا منهج ولا حتى أيديولوجيه ثابته واضحه كلها مقتطفات من كتاب الله وقوله يتاجرون بها على خلق الله مثل " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الظالمون" وأخرى " إن الحكم إلا لله" وأخرى "ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" .. وللعلم كل ما ذكرته هى أنصاف آيات وليست آيات كامله .. وأرجوا أن تقرأوها كاملة فى سياقها فى سورة المائده وسوره يوسف والحشر.
وكتب الدكتور عبد الوهاب المسيرى يقول فى كتابه بين العلمانيه الجزئيه والكليه يقول ويتساءل..  "ما هي العلمانية؟ هذا السؤال قد يبدو بسيطا، و الإجابة عليه أكثر بساطة، فالعلمانية هي فصل الدين عن الدولة ، أليس كذلك؟ قد يندهش القارئ إن أخبرته أن إجابتي علي هذا السؤال بالنفي وليس بالإيجاب"
ويقول أيضاً " تم تعريف العلمانية في أواخر القرن التاسع عشر باعتبارها "فصل الدين عن الدولة"، وكان التصور أن عملية الفصل هذه ستؤدي لا محالة إلى الحرية والديموقراطية وحل مشكلات المجتمع، فيَحل السلام فى الأرض وتنتشر المحبة والأخوة والتسامح. ولكن كلمة   "دولة" كما وردت في التعريف آنف الذكر لها مضمون تاريخي وحضاري محدد، فهي تعني بالدرجة الأولى المؤسسات والإجراءات السياسية والاقتصادية المباشرة. كما أن الدولة في القرن التاسع عشر حين وُضِعَ التعريف، كانت دولة صغيرة وكياناً ضعيفاً، لا يتبعها جهاز أمني وتربوي وإعلامي ضخم (كما هو الحال الآن)"
وأيضا يقول " ولكن حدثت تطورات همشت التعريف الوردي القديم منها تعملُق الدولة وتغوُّلها وتطويرها مؤسسات "أمنية وتربوية" مختلفة ذاتَ طابع أخطبوطي يمكنها أن تصل إلى كل الأفراد وكل مجالات الحياة"

ويضيف د/ المسيري " إن ما يتشكل على أرض الواقع أبعد ما يكون عن فصل الدين عن الدولة، وإنما هو أمر أكثر شمولا من ذلك. فآليات العلمنة لم تعد الدولة وحسب وإنما آليات أخرى كثيرة لم يضعها من وضعوا تعريف العلمانية في الحسبان، من أهمها الإعلام والسوق و الدولة المركزية القوية.  ومع هذا كلِّه ظل التعريف القديم قائماً، ولذا حينما نستخدم لفظ "علماني" فهو لا يشير إلى الواقع وإنما للتعريف الوردي الذي تخطاه الواقع، ويدور الحوار بشأن العلمانية في ضوء التعريف الوردي القديم وليس في ضوء معطيات الواقع الذي تحقق
."
        وهنا نجد كافة التعقيدات فى المفاهيم التى نتحدث بها وفيها والجدل الدائر بين البشر، كلٌ يبحث عن من يؤيد وجهة نظره..
وقد قام المهندس عدنان الرفاعى بحل تلك المشكله ببساطه شديده ومن كتاب الله ذاته ومن قوله تعالى " يَآأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلۡنَاكُمۡ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ اللَّهِ أَتۡقَاكُمۡ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  {سورة الحجرات 13} وقبائل هنا معناها اتجاهات وجذرها اللغوى  (ق ب ل) أى إتجاه. فللناس إتجاهات مختلفه منهم من هم مقتنع بالرأسماليه ومنهم الإشتراكى أو الليبرالى ولكنهم مسلمون،  يدينون بدين الإسلام أو من اهل الكتاب يهودا كانوا أو نصارى كما قال الله .. وقال تعالى أيضاً " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنۡ آمَنَ بِٱللَّهِ وَالۡيَوۡمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلاَ خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلاَ هُمۡ يَحۡزَنُونَ" البقره 62
ويقول عدنان الرفاعى فى هذا السياق فى كتابه الدوله الحره مطلب قرآنى" لمعرفة درجة التناقض في فكر الداعين إلى دولة دينيّة، ولمعرفة درجة الحاجة للدولة الحرّة ، أبدأ هذا البحث بطرح التساؤل التالي على المطبِّلين والمزمِّرين لقيام دولة دينيّة حسب أهوائهم المذهبيّة والطائفيّة ، فأقول لهم : في مجتمعكم الإنساني كأيِّ مجتمع عادي يتكوَّن من مذاهب مختلفة وطوائف مختلفة وأديان مختلفة وثقافات مختلفة ..
·       هل تُكفِّرون الطائفة الفلانيّة المختلفة مع طائفتكم، أو المذهب الفلاني المختلف مع مذهبكم، أو الدِّين الفلاني المختلف مع دينكم، أم لا ؟ ..
·       وهل هم – في معتقدكم – بسويّة عقديّة واحدة معكم ؟ ..
·       وهل ترضون أن تنقادوا لهم في دولة دينيّة مبنيّة على معتقدات تلك المذاهب والطوائف والأديان التي تختلفون معها، أم لا ؟ ... وعندها سنكون في إجابتهم أمام احتمالين :
أولاً:-  إمّا أن يكونوا كاذبين ويقولوا لنا نحن لا نعتقد أنّهم كافرون، ولا نعتقد أنّهم بمستوى أقل منّا في العقيدة، ولا مشكلة عندنا في أن ننقاد لهم في دولة دينيّة مبنيّة بدستورها وأحكامها على مبادئ مذاهبهم وطوائفهم وأديانهم التي نختلف معها ..
وهنا نسألهم : ما الفائدة إذاً من دعوتكم لهذه الدولة الدِّينيّة المبنيّة على خصوصيّاتكم المذهبيّة والطائفيّة والدِّينيّة ؟!! .. أنتم أيّها السادة بإجابتكم هذه (غير الصادقة قطعاً) تدعون لدولة مدنيّة حرّة .. ولو فرضنا جدلاً أنّكم صادقون بعدم النظر إلى الآخرين على أنَّهم ليسوا أقلَّ منكم عقيدةً، وترضون بدولتهم الدِّينيّة، لو فرضنا ذلك جدلاً، فهل تضمنون لنا أنَّ الآخرين من المذاهب والطوائف والأديان الأخرى من أبناء وطنكم سيلتزمون بالقوانين المبنيّة على خصوصيّاتكم المذهبيّة والطائفيّة والدِّينيّة ؟!!! ..
ثانياً:-  وإمّا أن يكونوا صادقين ويقولوا لنا : نحن نعتقد أنَّهم كافرون، أو على الأقل أنّهم أقلُّ منّا عقيدة، وأنَّهم ليسوا بسويّتنا في اتّباع منهج الله تعالى .. وعندها نسألهم : كيف إذاً ستقبلون هؤلاء الآخرين كشركاء موازين لكم في وطن واحد، وهنا ستكون إجابتهم أمام احتمالين :
أ‌-       أن يقولوا لنا {لا علاقة لمعتقدنا بهم ولنظرتنا لهم في ذلك بشراكتنا معهم في وطن واحد} .. وهنا نسألهم : ألا يؤدّي كلامكم الجميل هذا إلى فصل الدِّين عن السياسة، ذلك الفصل الذي تحاربونه أنتم أبشع حرب ؟!! ..
ب - أو أن يقولوا لنا:- نعم هناك علاقة لمعتقدنا بشراكتهم معنا في وطن واحد، وهنا نسألهم : ألا يؤدِّي ذلك إلى تقسيم أبناء الوطن الواحد إلى درجات في المواطنة، تؤدِّي في النهاية إلى تقسيم الوطن الواحد، بحيث تكون درجة المواطنة تابعة لدرجة الاقتراب من معتقدكم ؟!! ..

ونعود فنسألهم : كيف تطبِّلون وتزمِّرون لإقامة دولتكم الدِّينيّة حسب مقاسات أهوائكم المذهبيّة والطائفيّة في المجتمعات التي يُكوِّن سكّانها ((من أتباع مذهبكم وطائفتكم ودينكم )) غالبيةً فيها، في الوقت الذي لا تمانعون فيه من إقامة دولة مدنيّة حرّة في المجتمعات التي يكوِّنون فيها أقليّة ؟!! .. وكيف تفرضون على غيركم ما لم تقبلوه لأنفسكم ؟!! .. وماذا نسمِّي ذلك ؟!! ..
ففي كلِّ الاحتمالات نرى أنَّ فصل الدِّين عن السياسة ضرورة دينيّة، وضرورة وطنيّة، وضرورة إنسانيّة .. إنَّ ربط الدِّين بالسياسة كما يُنظِّر زاعمو الدولة الدِّينيّة، تحت مظلة شعارات برّاقة تخطف أبصار السذّج، لا يختلف عن ربط الوطن بالنظام السياسي ورأس هرمه، كما تنظّر الشموليّات السياسيّة
ما لم تَسُدْ ثقافة قبول الآخر، واعتباره شريكاً كاملاً تحت سقف وطنٍ واحد، لا يمكن للمجتمعات أن تستقرّ، ولا يمكن للإنسان أن يعيش آمناً في وطنه .. ومالم يتجرَّد الإنسان في رؤيته حتى للموروث الذي بين يديه ويُقَدَّم له على أنَّه دينٌ ووصفةٌ صالحةٌ سياسيّاً لكلِّ زمانٍ ومكان ، لا يمكن أن تسود ثقافة قبول الآخر.
فالدولة الحرّة، تتساوى فيها الحقوق والواجبات لكلُّ المواطنين تحت سقفٍ وطنيٍّ واحد، وكلٌّ منهم يحترم الآخرين ويراهم شركاء له، بالدرجة ذاتها التي يساهم بها في هذه الشراكة ..
وهكذا نرى أن لعبه الدين والدوله هى فى الأساس لعبة سياسيه لا طائل منها إلا تفريق من يعيشون فى مجتمعاتنا وليس تجميعهم، والتفريق يؤدى الى التشرذم والتطاحن والقتال غالباً، وهذا ما يسعى إليه المتآمرون على مجتمعاتنا، فلا فرق عندهم بين مسيحى برتوستانتى وآخر كاثوليكى، ولكنهم يؤججون الفرق بين طوائف المسلمين كافه لتسود الفوضى فى هذه البقعه من العالم ويحتفظون هم بكل ثروات تلك البلاد.. وعندما ينتهون منا سيتركونا نأكل بعضنا بعضاً كالبكتريا أصغر الكائنات الحيه..
فإنتبهوا الى أوطانكم يا من لا وطن لهم ..