الاثنين، 20 مارس 2017

تفسيرات خاطئه أفسدت علينا ديننا 2 من كتاب الدوله الحره مطلب قرآنى للمهندس /عدنان الرفاعى




تفسيرات خاطئه أفسدت
علينا ديننا 2




من كتاب
 الدوله الحره مطلب قرآنى للمهندس /عدنان الرفاعى


 
( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب أليم )    المائدة : 73   
إنّنا نرى ورود كلمة (( كفر )) بصيغة الفعل الماضي ، وهذا يختلف عن ورود الصيغة الاسمية أو صيغة الفعل المضارع ..
( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين)  المائدة : 5   
( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما )  النساء : 48   
( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا )  النساء : 116
( إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ) المائدة : 72
)
ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء ......... ) الحج : 31   
وهذا يتجلّى في ورود كلمة (( يقتل )) بصيغة المضارع في قوله تعالى ..
(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا   النساء (93)  
   
المعني هنا هو من قتل مؤمناً متعمّداً واستمرّ على خطيئته هذه حتى وفاته دون أيّ توبة مقبولة .. فورود كلمة  ( يَقْتُل ) بصيغة المضارع ودون الاقتران بتوبة مقبولة يُظهر هذه الحقيقة، بمعنى البقاء على الخطيئة حتى الموت ودون توبة مقبولة .. ولكن .. إن وُجدت توبة مقبولة بعد القتل فالأمر مختلف تماماً، وهذا ما نراه في قوله تعالى ..
( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً (68) يضاعف له العذاب ويخلد فيه مهاناً (69) إلاَّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ......... ) الفرقان : 68 – 70   
..
فقوله تعالى  ( إلاَّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً )  يبيّن لنا أنَّ القاتل لم يستمر إلى نهاية حياته مصرّاً على هذه الخطيئة، فالقاتل – هناتاب توبة مقبولة ..
 إذاً، ورود كلمة ( كفر )  بصيغة الفعل الماضي في قول الله تعالى
)
لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب أليم)   المائدة   73  
      
هذا الورود هو وصف لجحودهم وتغطيتهم لحقيقة كان عليهم ألاَّ يغطّوها، وهي أنَّ الله تعالى واحد ، وليس ثالث ثلاثة كما يقولون  
     ولكن .. هؤلاء الذين يقولون ( إنّ الله ثالث ثلاثة )، ينقسمون إلى قسمين اثنين :
  
 1 - منهم من يقول ذلك كتقليد أعمى وكموروث وكنتيجة لعدم اطّلاعه على حقيقة الأمر، ولا شكَّ أنَّه بذلك غطّى الحقيقة ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) فدخل العمق الأوَّل من عمقي الكفر المذكور في هذه الآية الكريمة .. ولكنّه بسلوكه وعمله هو إنسان لا يعمل الفواحش وهو ملتزم – كعمل  بكل القيم النبيلة ، ولو أُتيحت له فرصة الوقوف – كعلم – على الحقيقة لتراجع واتّبع الحق ..
2 - ومنهم من يقول ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) استكباراً وجحوداً بحقيقة يعلمها هي نقيض ما يقوله في جحوده هذا، ويمارس هذا الجحود في عمله وسلوكه .. فهذا القسم دخل العمق الثاني والأكبر من الكفر، ومهما قُدِّمت له الحجج لاتِّباع الحقيقة فلن يتراجع عن قوله ولن يتّبع الحق .. وهذا ما تصوّره العبارة القرآنيّة ) الذين كفروا منهم ( ..
       فقوله تعالى (( وإن لم ينتهوا عمّا يقولون(يعود إلى القسمين معاً، لأنَّ القسمين يقولون ( إنَّ الله ثالث ثلاثة )  ولكنَّ القسم الثاني من هذين القسمين مارس كفراً فوق الكفر الأوَّل ، فكلمة  ( منهم )  تعود إلى الجميع الذين قالوا  ( إنَّ الله ثالث ثلاثة ) ، أي تعود إلى القسمين .. ولكنَّ القسم الثاني فقط من هذين القسمين والذي مارس العمق الأكبر من هذا الكفر  ( الذين كفروا منهم ) هو الذي سيمسّه عذابٌ أليم (( وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب أليم)
  فالله تعالى لم يقل (وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنّهم عذابٌ أليم)، إنّما يقول جلّ وعلا  ( ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب أليم)   فكلمة  ( كفروا )  هنا تعود للقسم الثاني فقط ، وذلك بتخصيصها بكلمة  ( منهم ) فكلمة (منهم )  تتكوَّن من كلمة ( مِن ) التي تفيد التبعيض وتخصّص القسم الثاني فقط ، وكلمة ( هم ) التي تعود إلى كلِّ المعنيّين بقوله تعالى  ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ).