الاثنين، 14 نوفمبر 2016

البربرية ليست دينا ....بقلم / المستشار :أحمد عبده ماهر






البربرية ليست دينا
بقلم / المستشار :أحمد عبده ماهر

       حينما يجتمع فقهاء المسلمين منذ أربعة عشر قرنا على البربرية باعتماد الهجوم على الدول سبيلا لنشر الإسلام، مع إجازة وطء النساء وسبيهن وتوزيع الغنائم البشرية من الأطفال والرجال والنساء عبيدا بواقع الأربعة أخماس للمقاتلين والخمس يرسلونهم للخليفة ليكونوابخزانة بيت المال فيبيع منهم ما يشاء ويهب لمن يشاء ذكورا وللآخرين إناثا.
وحينما يعتمد الأئمة والفقهاء نهب الدور والقصور فيتصورونها بأنها الغنائم الوارد ذكرها بالقرءان وأنها حلالا صافيا للمسلمين الفاتحين بواقع الخمس والأربعة أخماس كما أسلفنا
وحينما يتم اعتماد كل هذا ـ بل وما هو أسوأ منه ـ مناهج دراسية يتم تدريسها بمعاهدنا الفقهية حتى اليوم فإنما نحن نعتمد البربرية منهاجا تربويا لأبنائنا، وتكون العنصرية هي ديننا الذي نرعاة بينما نحن نزعم التقوى.
وإني أؤكد بأن تخلف المسلمين إنما هو المحطة الرئيسية التي تقودنا إليها تلك المناهج البربرية التي يعتمدها الفقهاء الذين يزعمون الوسطية والتسامح بينما يعتمدون تلك البربريات.
وحين يكون هذا وغيره هو فقه المسلمين الذي ينسبونه لإسلام السماء زورا وبهتانا على الله ورسوله، ويطلقون علية أنه [شريعة الله] بينما أراه أنا والعقلاء مخالفا كل الاختلاف مع تعاليم القرءان التي تحث على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة...فبات من حُسن الإدراك أن نعلم بأن لدينا دينان، كلاهما يطلقون عليه اسم [الإسلام].....فإسلام السماء بواد وإسلام الفقهاء الذي لا ينفكون عن اعتماده وتدريسه والفخر به بواد آخر.
وحين يكون فهمنا المنحط هو ما يتم الدفاع عنه، فنحن ندافع عن الهمجية الممنهجة والتي نعتبرها دين الإسلام بينما هي الاجتماع على تدين زائف باسم الإسلام. فنحن نحفظ للفقهاء ديدنهم في إرضاع الكبير ونكاح الطفلة ولو رضيعة ونعتمد لهم فقههم عن اعتماد النسب لحمل استمر زعما ببطن المراة لأربع سنوات
ونحن نرتاح لفقه الانتقام ممن يسيئ لإسلامنا المفترى به على الله، في حدود تصورناها بأنها حد الله فنحن نزهق بها الأنفس ونستنزف بها الدماء حين يسيء أحدهم لإسلامنا البربري، وكأننا لم ينزل لنا قرءانا يحدد طرق التعامل مع من يستهزئ بدين الإسلام الحقيقي الذي نزل من السماء، لكن لأننا ندافع عن دين إبليس الذي نرعاه لذلك فنحن نقتل ومحرق ونجلب كل الصخب معتمدين في ذلك علة جحافل الأمية الدينية التي يرعاها الأئمة والفقهاء منذ مئات السنين.
بل وليس لنا أن نتساءل عن سماحة القرءان في قوله تعالى:
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }النساء140....
فأين القتل والصياح، وأين الحرق ومعاول الدفاع الهمجي الذي تعتمده العمائم واللحى التي تتمنطق بدين إبليس بينما هم يحسبون بأنهم يحسنون صنعا.
وإليك أيضا قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأنعام68.
فنحن حينما نحاكم أحدهم بتهمة ازدراء الدين إنما نعتمد الهمجية والبربرية التي صنعت منا مسوخا بشرية تطلق على نفسها لقب [مسلمين]، فمنهج السماء هو الابتعاد عن المخرفين والمستهزئين بالإسلام، وليس قتلهم ولا حبسهم ولا التعرض لهم ولا حتى تفنيد حججهم وما يخوضون به في ديننا..
حين أنقد الفقهاء وفقههم المعتوه وإدراكهم المتواضع فإني أكون بمنتهى الأسى، لكن المأساة تكون أكثر تقعرا حين يصل الأمر برجال القانون بمصر وممثلوا الشعب وأساتذة الجامعات أن يصبحوا العوبة بيد الفقهاء.
أكتب هذا نقدا لما يدرسه طلاب كليات الحقوق وما سطّره القانون المصري رقم 100 لسنة 1985 بالفقرة الثالثة من المادة الأولى التي يتم بها إهدار حقوق الإنسان وأعني بذلك إهدار حقوق المرأة بالذات. حيث ذكر ذلك القانون الذي يقومون بتدريسه لطلبة كليات الحقوق ويطبقونه بكل أسى وأسف بالمحاكم ........أنه لا نفقة للمرتدة.
فهل يتم تجويع المرتدة بمباركة الحكومة المصرية وقضائها الشامخ وغفا لنص المادة الأولة من القانون 100 لسنة 1985؟.
وهل هناك فرق بين القتل والتجويع؟.
وكيف يتم السماح بالزواج بالمسيحية ووجوب الإنفاق عليها..... بينما إن قامت
المسلمة بتغيير ديانتها للمسيحية فإن القانون بمنع النفقة عنها ....أليس هذا تناقض وخرف إدراكي؟.
أكتب ذلك وهو مسطور بالقانون حاليا....ويقومون بتدريسه بكليات الحقوق ومنها كتاب الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية للأستاذ الدكتور /محمد علي محجوب وزير الأوقاف الأسبق والأستاذ بجامعة عين شمس ص 24.
وفي ص99 من ذات الكتاب بضرورة أن يكون الشهود على الزواج من المسلمين طالما أن الزوجين مسلمين، وعلّتهم في ذلك أن الشهادة هي نوع من الولاية وأنه لا يجوز ولاية غير المسلم على المسلم.....وهنا أقول لهم:
*  ألم يسأل أساتذة القانون أنفسهم كيف تتزوج المرأة والرجل ببلاد الغرب المسيحي؟......هل نستورد لهما رجلين من بلاد العربان الإسلامية؟.
*  ولماذا يتم قبول شهادة المسيحي في الجنايات ولا يتم قبولها في الزواج؟
*  وهل شهادة المسيحي لا تعتبر إشهارا لذلك الزواج من إنسان معتبر له دين معتبر؟......أم أنكم أنكرتم المسيحية واليهودية وقمتم بإلغائهما بينما تقولون بأنكم تؤمنون بهما وتصادقون عليهما.....هيا أفصحوا عن نياتكم تجاه الآخر ووقوعكم أسرى في فك الفقهاء بازدرائكم للمعتقد المسيحي ومن ينتمون إليه علنا وبالقانون..
*   وكيف ينكب أساتذة القانون وأعضاء مجلس الشعب ليكونوا لقمة سائغة في أفواه الفقهاء الذين قالوا لهم بأن الشهادة عبارة عن ولاية؟....فلا يجب أن تكون الشهادة ولاية إلا عند من فقدوا الرشاد.
*   ولأسفي أن الفقهاء قد اجتمعوا على هذا العته الذي أراه خرقا للعقل ولحقوق الإنسان...بل ويحمل بطياته ازدراءا لدين سماوي هو المسيحية أو اليهودية الواجب علينا الإيمان بهما.
*   إنكم تتعرفون على القاتل وتتهمونه وتقومون بتجريمه بواسطة أنف الكلب البوليسي .....فهل لا يساوي المسيحي عندكم أنف كلب من كلابكم؟.
وبكتاب [الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية] المقرر على طلبة السنة الثانية بكلية الحقوق تأليف الوزير الأسبق الأستاذ الدكتور/ محمد على محجوب، تجد مقدار تخلف فهم طبيعة الحياة الزوجية وعلاقة الرجل بالمرأة ببيت الزوجية ومدى التسلط الذي يعتمده أستاذ قانون بجامعة عين شمس لصالح الرجل على المرأة...وما كل ذلك إلا لتأثره بجريمة ارتكبها الفقهاء.
*  ففي ص110 تجد لزوم الزوجة بيت الزوجية وعدم الخروج منه إلا بإذن الزوج، .....والخروج من بيت الزوجية بغير إذن الزوج يعتبر نشوزا مسقطا لنفقة الزوجة.
*   وفي ص 111 تجد ثبوت ولاية التأديب للزوج على زوجته لكي تستقيم الحياة الزوجية.
فهل منح الرجل حق التأديب بضرب زوجته ضرب الإهانة والزجر... وحبس النساء وتهديدهن بعدم الإنفاق عليهن أمرا يتناغم مع القرءان الكريم باعتباره هو الدستور الأسمى بالإسلام؟.
وهل يجوز تدريس ذلك الفقه وتأصيله في أذهان القضاة ووكلاء النيابة ليعتبر هاديا ومرشدا لهم في وزن الأدلة وإصدار الأحكام ؟.
وإن منطق تجويع المرتدة والوارد بالمادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية والمعتمد بمحاكم الأسرة بالقانون 100 لسنة 1985 إنما هو اعتماد لبربرية الفقهاء والتي تم برمجة عقولنا عليها فبات المشرع القانوني وهو يعتمدها قانونا للقضاء على المرتدة.
وإن منطق تغليظ العقوبة على الزانية عن الزاني بالقانون إنما هو صورة للبربرية الفقهية التي تسللت إلى قوانيننا من خلال التمييز والعنصرية بين الذكر والأنثى والتي تبناها الفقهاء فتسللت عبر برمجة عقولنا إلى صناع القانون فتجد بالمادة 274 عقوبات:-
المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفي هذا الحكم برضائه معاشرتها كما كانت ]. بينما تجد بالمادة 277   :- [ كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور .
         فالزوج تتم معاقبته بالحبس لستة أشهر بينما تتم معاقبة الزوجة بالحبس لمدة سنتين أو أقل لكل منهما.....رغم فداحة جريمة الزوج لأنه زنى بمسكن الزوجية.....لكنه الفقه الذكوري الذي صنع للرجل صولجان بينما جعل الأنثى ناقصة عقل ودين.
أليس هذا تطرفا دينيا تسلل إلى قانون العقوبات ببلد حضاري أو يزعم الحضارة؟.
وأكتفي بهذا القدر في نقد مسلك أساتذة القانون بمصر والسادة أعضاء مجلس الشعب من الذين أهدروا حقوق الإنسان ووقوعوا في براثن التناقض والخبل الفكري والإدراكي وفقدوا أصول الحضارة....ويمكنني أن أكتب عشرات الصفحات نقدا لهذا الفكر، وكيف أنهم قاموا بتسطير قوانين تزدري أهل الدين المسيحي واليهودي وتزدري المرأة وتمنع ميراث المسيحية وتمنع إطعام الزوجة التي ارتدت.....فهل هذه هي الحريات التي نص عليها دستورنا العظيم.
فنحن لسنا سبايا وعبيد بقلعة الأزهر الشريف.....والله لم ينزل إلينا دينا بعمامة لا يصح التقرب إليه بغيرها.
مستشار/أحمد عبده ماهر