الأربعاء، 14 مارس 2012

بالبلدى كده هو ربنا واحد؟

بالبلدى كده
هو ربنا واحد؟
بقلم / طارق عبد الحميد

هل نؤمن جميعا بأن الله واحد؟ طبعا الاجابه ستكون بنعم، سواء كنت يهوديا أو مسيحيا أو مسلماً. وطبعا هناك مشكله فى تَتَابع الأنبياء والمرسلين  وبسبب هذا التتابع أنكر كل سابق اللاحق ... فأنكر اليهود المسيح عيسى بن مريم وأنكر المسيحيون محمد عليه الصلاة والسلام. فكل السابق لا يؤمن برسالة اللاحق على حد سواء.
وتساؤلى هنا... إذا كان الكل يؤمن بأن الله واحد فهل من المنطق أن يرسل الله للبشر رسالات مختلفه، أم أن كل رسالات الله للبشر واحده لا إختلاف فيها... إلا إذا كان الله قد أعد لنا جميعا النار لتكون لنا، خالدين فيها... وعليه لماذا يتناحر كل متّبِع رساله مع الأخرى وكل مذهب مع الآخر ولا أقول كل دين.
لا أجد فى ذلك سبيلاً إلا أن كل طائفه تتنتصر لفكرِها ولطائفتها وليس للرساله المرسلة اليها.  فالتناحر هنا تناحر كاذب إلّا إذا اعتقدت كل طائفه أن لها الهاً يختلف عن آلهة الآخرين وهذا غير صحيح بإتفاق الجميع.
إذاً فأصحاب المصالح هم من وراء ذلك التناحر،  ففى كل رسالة تناحر, فمن اليهود من يؤمن بأن التلمود أهم من التوراه وأقدس والعكس ولا يؤمن بنبوّة عيسى عليه السلام, كذلك المسيحيين وطوائفهم من البرتوستانت والكاثوليك والأرثودكس, كلٌّ ينتصر الى مذهبه وكل فريق بما لديه فرحٌ.  كذلك الأناجيل وفيها رؤية الرسل مثل متى والتابعين مثل مرقص ولوقا كل انجيل كُتِبَ فى زمن مختلف وبعد سنوات من رفع المسيح عيسى بن مريم الى السماء ولا يؤمنون بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فإختلفت الألسن والأقلام فى التعبير عن كل ما نطق به عيسى عليه السلام والذى كان وحيا من الله أودعه فى عيسى منذ ولادته عندما قال "إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا".
وجاء محمد "صلى الله عليه وسلم" ورسالة ربه خالصةً للبشريه ــ كما هى الرسالات الاخرى لم تكن لقوم على حساب قوم آخر ــ وهى بالكامل قول الله وكلماته مباشرة الى البشرية جمعاء، لم تُبدَّل كلمة أو حرف عن موضعها ولتكون كلمات الله للبشر هى التامه الخاتمه ولن يبعث الله رسولا آخر لأن بيدنا الآن رسالته الكامله لنا.
لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام آخر الرسل لأن الله فضّلَهُ عن باقى الرسل, بل لأنه أودع بين أيدينا الرسالة التامة الخاتمه ولا تحتاج البشريةُ الى رسول آخر بعدما تسلمنا قول الله   وكلماته بين أيدينا, لم يفرق الله بين رسله كما قال لنا الله فى آخر سوره البقره " لا نفرِّق بين أحد من رسله" صدق الله العظيم.
ولنفس الأسباب البشريه إختلف المسلمون فيما بينهم, ولعلمهم عدم قدرتهم على المساس بالكتاب ــ القرآن ــ  فتوجهت الأنظار الى الحديث والسرد والصحيح منها والموضوع والحسن والمندوب وأحاديث الآحاد وهى كثُر وخلافه.   وإنقسم المسلمون فيما بينهم شيعاً وطوائف متعدده كل فريق منهم يعتقد انه مُمْسِك بالحقيقة المطلقه وكل منهم فَرِحٌ بما لديه من أقوال مأثوره ينسبونها طوعاً أو كَرْها لمحمد عليه الصلاة والسلام, تماماً كما حدث مع أُممٍ من قبلِهم... وإختلفوا فيما بينهم ومنهم من شرَّع لنفسه حراماً لم يحرِّمْه الله، ومنهم العكس تماما من حلل حلالاً لم يُحْلِلْه الله. وكأن الله إجتمع بكل فريق منهم وأعطاه رسالة خاصه الى قومه,  أو كأنما للكون آلهة مختلفه تبعث برسائل مختلفه الى خلائق أيضا مختلفه.  فكلنا نؤمن يهود ومسيحيون ومسلمون بأن الله واحد لا شريك له.  وكيف لله الواحد الأحد أن يرسل رسائل مختلفه للبشرــ لبنى آدم ــ عليه السلام.  فكانت رساله الله الى موسى أبلغها لقومه فكتبوها فى سنين وسنين، ثم جاء المسيح عيسى بن مريم وقد وضع الله فى قلبه الإنجيل كما نعلم وكتبه رسله والتابعين فى سنين.
كل فريق ممن سبق ذكره ومن لم يُذكر إحتكر الجنه وقال هى لنا خالصه من الله أورثنيها أو أورثنى إياها. وباقى الفرق فى النار... أى منطق مريض هذا الذى نتحدث عنه... أى منطق هذا الذى يضع معظم أهل الأرض فى النار إلا هذا الفريق أو ذاك.
ولنسمع ونقرأ ونتدبر قول الله تعالى لنا يا معشر بنى آدم  وأمة محمد وعيسى وموسى وابراهيم ونوح  : ـــ
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِى أَوۡحَيۡنَا إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِ إِبۡرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنۡ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَىٰ الۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِ اللَّهُ يَجْتبِى إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِى إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ   .. الشورى 13
ولنسمع ونقرأ ونتدبر يا من تؤمنون بالتوحيد قوله تعالى "  أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الۡقُرۡآنَ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ اللّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ اخۡتِلاَفًا كَثِيرًا " النساء 82
وكيف يمكن أن يُقنِع المسلمين غيرُهم من الأمم بوحدانية الرساله والله يقول فيهم وفينا وفيكم فى قوله تعالى " مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمۡ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزۡبٍ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ  الروم 32       وكذلك قوله تعالى أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُوا۟ لَكُمۡ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمۡ يَسمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعْلََمُونَ "  البقره 75   وكذلك قوله عز وجل  " أَمۡ يَحْسَبُونَ أَنَّا َلا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ"  الزخرف 80
وكيف يمكن ان تحتكروا القرآن لكم مع انه أُرسِل للبشر جميعا ثم تصنفونه, آيات نزلت متشابهات ومحكمات وأخرى لليهود وللنصارى,  مع أيمانكم بأنه للبشر جميعاً وما قولكم فى قول الله تعالى " قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا۟ الۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَادِقِينَ " البقره 94  وكذلك قول الله تعالى " أَمۡ تَقُولُونَ إِنَّ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَاعِيلَ وَإِسۡحَقَ وَيَعۡقُوبَ وَالأسۡبَاطَ كَانُوا۟ هُودًا أَوۡ نَصَارَىٰ قُلۡ ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ"   البقره 140 ألم يكفكم قول الله تعالى لكم " تِلۡكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِالۡحَقِّ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعۡدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤۡمِنُونَ "  الجاثيه 6  
ألن تنتهوا يا أصحاب المصالح من كل تلك الفتن وتبتغوا فضلا من الله ورضوانا بأن تعقدوا العزم على نبذ الخلاف والفُرْقَه وتفسحوا المجال للعقل والمنطق والتدبُّر الكامل لكتاب الله بدلا مما كتبت أيديكم وبدلا من أن تنسخ آيات الله أحاديث آحاد ... وبين منطق ما نُسِخَ خَطُّه وبقى حكمُهُ ... كيف يكون هذا اللغو معيار حياتنا.
وأقول فى النهايه ... اللهم إغفر لنا ولا تغفر لهم لأنهم أضلونا وضَلّوا.