السبت، 16 يوليو 2016

الطلاق والخلع ... طارق عبد الحميد






الطلاق والخلع ...

بـين الحـقيقه والخـيال

إختلف العلماء في الخُلْعِ هل هو فسخ أو طلاق؟
فمذهب الجمهور أنه طلاق يحسب من الطلقات الثلاث.
وقيل: هو مجرد فسخ وليس بطلاق فلا يحسب من الطلقات الثلاث، وهذا الأخير هو مذهب عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعثمان وطاووس، وهو إحدى الروايتين عند الحنابلة، ورجحها شيخ الإسلام، وابن القيم، والشوكاني، وغيرهم،
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: (ولا يصح عن صحابي أنه طلاق ألبتة، فروى أحمد عن يحي بن سعيد عن سفيان عن عمر وعن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال: الخلع تفريق وليس بطلاق.   
" وهذا يعنى أن إبن عباس يُشرِّع هو الآخر للأمه، لا كتاب ولا سُنّهْ  ولا شئ .. رأيه فقط ...  ترى ما هو رأيك أنت يا أُمّه ضحكت من جهلها الأممُ ".
 وذكر عبد الرزاق عن سفيان عن عمر وعن طاووس أن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه أينكحها؟ قال ابن عباس: نعم، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك) ...
"هل عرفتم الآن من أين تأخذون دينكم، من أقوال بشر مثلكم، هل هذا ما تبحثون عنه.."

وإليكم أيضا ما قاله آخرون
والفُرقة أو التفريق بين الزوجين لا تتم إلا بطريقين كما يقولون : الطلاق أو الفسخ .
والفرق بينهما أن الطلاق إنهاء للعلاقة الزوجية من قِبَل الزوج ، وله ألفاظ مخصوصة معروفة .
وأما الفسخ : فهو نقض للعقد وحل لارتباط الزوجية من أصله وكأنه لم يكن ، ويكون بحكم القاضي أو بحكم الشرع .
قال الإمام الشافعي: "كل ما حُكِمَ فيه بالفرقة ، ولم ينطق بها الزوج ، ولم يردها ... فهذه فرقة لا تُسمَى طلاقاً" انتهى ،  "الأم" (5/ 128) .  وهذا رأيه طبعاً
والفسخ لا يُحسب من عدد الطلقات التي يملكها الرجل.
قال الإمام الشافعي : "وكل فسخٍ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق،  لا واحدة ولا ما بعدها" انتهى من "الأم" (5 /199).

 " يعنى لو واحده خلعت زوجها 15 مره لا يعتبره الإمام الشافعى طلاقاً"
 وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ امرأَة نَشَزَت على زوجها فقال له عمر: اخْلَعْها أَي طَلِّقْها واتْرُكْها.
وقال ابن عبد البر كذلك : " أن الفرق بين الفسخ والطلاق وإن كان كل واحد منهما فراقاً بين الزوجين : أنَّ الفسخ إذا عاد الزوجان بعده إلى النكاح فهما على العصمة الأولى، أى لا يعتبره المبجل طلاقاً أيضاً،  وتكون المرأة عند زوجها ذلك على ثلاث تطليقات، ـ "ويمكن ترجع بِِكْر تانى ـ"، ولو كان طلاقاً ثم راجعها كانت عنده على طلقتين". كتاب "الاستذكار" (6 /181) .
والطلاق من حق الزوج كما يقولون،  ولا يشترط له قضاء القاضي،  وقد يكون بالتراضي بين الزوجين .  وأما الفسخ فيكون بحكم المشرع أو حكم القاضي، ولا يثبت الفسخ لمجرد تراضي الزوجين به ، إلا في الخلع.
قال ابن القيم: ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض ـ أي الخلع بالاتفاق ـ زاد المعاد" (5/598) .
 والفسخ قبل الدخول لا يوجب للمرأة شيئاً من المهر ، وأما الطلاق قبل الدخول فيوجب لها نصف المهر المسمَّى .
 وأما الخلع : فهو أن تطلب المرأة من زوجها أن يفارقها مقابل عوض مالي أو التنازل عن مهرها أو جزء منه، ــ أو تشترى حريتها بالبلدى كده ــ.
والسؤال هنا ما معنى كلمة الطلاق؟  الطلاق لغةً من الفعل طـَ . لَ . قَ أى طَلَقَ، ويقولون أطلق الناقه أى طلقها بمعنى تركها هذا فى لسان العرب, أما فى مختار الصحاح فمعناها تباعد.. طلق الشئ أى تباعد عنه.. وطَلاقُ النساء لمعنيين: أَحدهما حلّ عُقْدة النكاح، والآخر بمعنى التخلية والإِرْسال.  ويقال للإِنسان إِذا عَتَق طَلِيقٌ أَي صار حرّاً.
ولنأخذ أيضاً معنى الخُلع لأننا سنحتاج اليه فى شرحنا هذا ..
خلع فى (لسان العرب)
خَلَعَ الشيءَ يَخْلَعُه خَلْعاً واختَلَعه: كنَزَعه
وخلع امرأَته خُلْعاً، بالضم، وخِلاعاً فاختُلَِعَت وخالَعَتْه: أَزالَها عن نفسه وطلقها على بَذْل منها له، فهي خالعٌ.

وهذا معنى الطلاق أى الإبتعاد والتفريق بين المُطَلِّق والمطَلَّقْ أو المُطَلَّقَهْ فى هذه الحاله..
وقد ترتب على اختلافهم في كونه طلاق أم فسخ خلافهم في عدة المختلعة، فذهب الجمهور إلى أن المختلعة تعتد عدة الطلاق ثلاثة قروء بناء على أن الخلع طلاق، وذهب الآخرون إلى أنها تعتد بحيضة بناء على أن الخلع فسخ، والقول الثاني قول قوي معتمد على أدلة صحيحة فمن ذلك حديث ابن عباس :  أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة (رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وقال الألباني صحيح انظر صحيح سنن أبي داود 2/420)، وقال الإمام الترمذي بعد أن روى حديث ابن عباس: "هذا حديث حسن غريب، واختلف أهل العلم في عدة المختلعة، فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن عدة المختلعة عدة المطلقة وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: عدة المختلعة حيضة، قال إسحاق: وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي" (سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي 4/306).

وعن الربيع بنت معوذ أنها اختلعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أو أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة (رواه الترمذي وابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/348)

وروى أبو داود عن ابن عمر قال: عدة المختلعة حيضة (وقال الألباني صحيح موقوف انظر صحيح سنن أبي داود 2/420.

كل الأحاديث عندهم صحيحه طالما وردت فى البخارى أو مسلم أو هكذا يقولون، حتى وإن خالف هذا صحيح قول الله وقرآنه الكريم.. مع علمهم وقولهم أيضاً بأن الرسول الكريم كان قرآنا يمشى على الأرض..
       ولكن، ماذا يقول الله تعالى فى كل هذا ... ولنعلم جميعاً أننا نأخذ ديننا للأسف من أقوال بشر، ولم ننتبه الى كتاب الله وقوله...
يقول تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الطلاق ..

 ياأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا  1 فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا 2 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا 3
ويقول تعالى أيضاً فى سورة البقره الآية 228

وَالۡمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِى أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤۡمِنَّ بِاللّهِ وَالۡيَوۡمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوا إِصۡلاَحًا وَلَهُنَّ مِثۡلُ الَّذِى عَلَيۡهِنَّ بِالۡمَعۡرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ .

ويقول تعالى أيضاً:
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} سورة البقرة الآية 229

ولكن ما تبين لى من قراءتى للنصوص أن القضيه تكمن فى تفسيرهم للنصوص وليست النصوص فى حد ذاتها..
ولننظر الى ما فسروا به آيات 1و2 من سورة الطلاق.. وما فسروا به الآيه 228 من سورة البقره..
فى سورة البقره آيه 228 فى تفسير الميسر" تسهيلا للقارئ حتى لا يمل من القراءه يقول المفسرون " والمطلقات ذوات الحيض, يجب أن ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق مدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات على سبيل العدة; ليتأكدن من فراغ الرحم من الحمل. ولا يجوز لهن تزوج رجل آخر في أثناء هذه العدة حتى تنتهي.

أما فى سورة الطلاق فالأمر إختلف معهم إختلافاً كبيراً، حيث وردت كلمة الطلاق واضحة، جليه، كالشمس ولكنهم لم يعترفوا بصراحة ووضوح الكلمه فقالوا "يا أيها النبي إذا أردتم- أنت والمؤمنون- أن تطلِّقوا نساءكم فطلقوهن مستقبلات لعدتهن - أي في طهر لم يقع فيه جماع، أو في حَمْل ظاهر- واحفظوا العدة؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن, وخافوا الله ربكم.( تفسير الميسر)
أى تلبيس هذا على الله وقوله... من أين قال الله أردتم تطليق النساء فالله يقول ياأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ.
من أين أتيتم بأردتم هذه مع ان الجمله من أساسها فى الماضى " طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ.   أى أن الطلاق وقع وليس كما يبررون لم يقع.. لماذا فسروا الطلاق فى الآيه 228 فى سورة البقره بأسلوب مختلف عن تفسيرهم لنفس الكلمه فى سورة الطلاق.. أترك الحكم لكم وليس للمشايخ.. ومع أن الآيه التاليه لها مباشرة تقول وتؤكد أن الطلاق قد وقع بالفعل، حيث يقول الله تعالى " فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ" وماذا تعنى الآيه.. للأسف يعود المفسر لنفس المسار فيقول فى تفسير الميسر أيضاً  " فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن فراجعوهن مع حسن المعاشرة, والإنفاق عليهن, أو فارقوهن مع إيفاء حقه.
 من اين أتى بمقاربة الأجل تلك ..  فبلوغ الأجل تعنى الوصول الى نهايته ولا تعنى قرب الوصول الى النهايه.
وفى سورة البقره ايضا " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" سورة البقره 229
الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان, واحدة بعد الأخرى, فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف.
 أيضاً من اين أتوا بالطلاق الذى تحصل به الرجعه، الله يقول الطلاق مرتان ولم يزد الله عن ذلك.

والحق، أن هناك تفسيرات كثيره لآيات الله تحتاج الى مراجعه حقيقيه، لما يضفى عليها المفسرين من لبس للأسف جعل الأمه مختلفه فى كل شئ تقريباً.. فالأمر جد خطير ويجب على العلماء وأكرر العلماء وليس مدعوا العلم أن يتصدوا الى كل تلك المسائل ولا ينظرون الى الماضى إطلاقا بل الى الحقيقه المطلقه.
طارق عبد الحميد