الأربعاء، 4 مايو 2016

التراث والتخلف 2 /2 كتبه/ طارق عبد الحميد




التراث والتخلف 2 /2



كتبه/ طارق عبد الحميد

تبدأ القصه بالروايات، ومن تلك الروايات وضع السابقون أحكاماً، وقال اللاحقون أن السابقون على حق، وأننا لن نفهم مثلما فهم السلف الصالح من الدين، ذلك لأنهم كانوا أطهار وأنقياء وأتقياء ولا يقترفون الذنوب أبداً.. مع أن الحقيقه خلاف ذلك تماماً، فهم لمن له عقل يدرك ويعى أناس مثلنا، يخطئون ويصيبون، يرتكبون الذنوب ويتوبون، تماما مثلنا منهم المنافقون، ومنهم الأسوياء.  ولكن أن نأخذ مثلا حكم الرجم من روايه شاهد فيها الراوى محموعة قرود ترجم قرده زانيه، أو من آيه أكلتها دابة الأرض ولم يستطع الله ــ جل شأنه ــ حفظها .. ما عاذ الله عما يفترون.. فهذا كلام لابد وأن يراحع، واليوم وليس الغد.. والأمثله كثيره. آلاف الروايات والأحاديث المفتراه المدسوسه على رسول الله (ص).
والجانب الآخر من الخرافات التى تحولت الى دين، وما زال مشايخ الغصر والأوان يفتون بصحة القول وأن من ينكر ذلك فقد كفر.  ومن أمثلة ذلك كروية الأرض ودورانها حول نفسها ودورانها حول الشمس.. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وفتواه التي نشرتها الرئاسة العامة عام1976م: "إنَّ القول بأن الشمس ثابتة وأن الأرض دائرة هو قولٌ شنيعٌ ومنكر، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل، ويجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتدا، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين
هذا عام 1976 أى نهايات القرن العشرين.. وقد أثبت العلماء هذه الحقائق منذ أكثر من 300 سنه إلا أنه ما زال حبيس نصوص وروايات تعلمها على يد مشايخه وما يطلق عليهم ــ زوراً ــ علماء الأمه.  ماجيلان أثبت أن الأرض كرويه عام 1522 ولكن ابن باز ينكر ما وصل اليه العلم، وكثير من أتباعه ومريديه.. ألا يعد هذا دليلا على التخلف، وحب التخلف.
عندما يقولون لك أن كل مستحدثه بدعه .. وكل بدعه ضلاله .. وكل ضلاله في النار .. ماذا تريد من قوم يؤمنون بهذا القول إيمانهم بربهم.. ويرددونه في مساجدهم وعلى منابرهم وفى فضائياتهم ليل نهار، وعلى مسامع الناس.. ماذا تنتظر من الناس، أن يتعلموا أو يتثقفوا .. أبدا والله سيزدادوا جهلا وتخلفاً.
والجديد، الذين ظهروا في سوق التجديد، مدعين التنوير، وأنهم يريدون تنوير الشعوب.. بدأوا بتحطيم التراث، كل التراث، ولم يتوقفوا للحظات لمحاولة تنقية هذا التراث..
فليس كل التراث فاسد، بل فيه ما فيه من فساد، وما فيه من صلاح، ولكنهم توجهوا الى تحطيم كل التراث بما في ذلك الثوابت العقائديه التى أنزل بها الله تعالى قرآنا من فوق سبع سماوات.. وأنا هنا لست في سبيل مقارعة حجه بأخرى، فهناك من إنبوا دفاعا عن دين الله، وهم أفضل منى بكثير .. ولكن واجبى أن أحذر من همجيه تحطيم التراث بالكامل.. دون مراجعه أو فحص.
وبناء عليه، فالدين الذى بين أيدينا، هو دين أبوهم وليس دين الله، ومحاولة تحطيم التراث بحلوه ومرِّه يجب مراجعتها ومراجعة أصحابها..