الخميس، 30 أبريل 2015

إسلام الله لا إسلام البشر 5/3 قراءه فى كتابات المهندس/ عدنان الرفاعى... تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ كتبه/ طارق عبد الحميد




 إسلام الله
 لا إسلام البشر 5/3
قراءه فى كتابات المهندس/ عدنان الرفاعى...
تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ

كتبه/ طارق عبد الحميد
فى الحلقتين السابقتين تناولنا ما قدمه المهندس/ عدنان الرفاعى من تفسير لقول الله تعالى " قُل لِّلۡمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِى بَأۡسٍ۬ شَدِيدٍ۬ تُقَـٰتِلُونَہُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ‌ۖ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنً۬ا‌ۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ كَمَا تَوَلَّيۡتُم مِّن قَبۡلُ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمً۬ا (١٦) الفتح وإنتهبنا الى أنه بحث فى موضوع من هم الأعراب الذين يقصدهم الله ومن هم القوم أولى البأس الشديد فى الآيه..وأنهينا كلامنا بأن المُخلَّفون من الأعراب بعد مجيء الإسلام، وفي الزمن المستقبل بالنسبة لنزول القرءان الكريم وهذه الآية فيه، سيُدعَون إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيد  فإلى ماذا سيُدعَون إلى هؤلاء القوم؟.. قال المفسرون أنهم سيدعون كما يقول الكاتب :-" من أجل أن يُقاتلوا هؤلاء القوم لإرغامهم على الإسلام، بمعنى يستمرّ القتال معهم حتى يُسلموا.. بمعنى: يطلب الله تعالى من المخلَّفين من الأعراب مقاتلة هؤلاء القوم حتى يسلموا.  وهذا المذهب من التفسير ليس صحيحاً على الإطلاق، وذلك من عدّة وجوه، كلُّ واحدٍ منها يكفي لنقض التفسير الموروث من أساسه.  ولأسباب هامه منها :-
أولاً :- موضوع إكراه الآخرين على دخول الإسلام وتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، هو كذب وافتراء باطل، ينقضه كتاب الله تعالى من أساسه جملةً وتفصيلاً.
ثانياً :- هؤلاء ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ)... الذين يصفهم الله تعالى بقوله)  يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡ)..وبقوله (بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورًا هل هؤلاء المنافقون الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، والذين حكم الله تعالى عليهم بأنَّهم لن يتَّبعوا المؤمنين، هل هم من يكلِّفهم الله تعالى بحمل رسالته وقتل الآخرين للدخول فيها.
ثالثاً :- أنَّ صياغة العبارة القرءانيّة  تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ، لا تسعف التفسير الموروث فيما يذهب إليه.. إطلاقاً.. ولذلك رأينا كيف أنَّ بعضهم، راح يحرِّف دلالات كلام الله تعالى. فيزعم أنَّه هناك من يقرأ كلمة: يُسۡلِمُونَ، على أنَّها:  يُسْلِمُوا، جاعلاً المعنى: (إلى أن يُسلموا) وهذا تبديل لكلام الله. هذا التيه الذي دخلوا فيه، جعلهم يعربون هذه العبارة (تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ   (صفة لكلمة (قَوۡمٍ).. وهنا تبلغ المهزلة ذروتها.. وحتى لو سلّمنا لهم بما يريدونه، فالمخلَّفون من الأعراب (حسب تفسيرهم المغلوط) هم دُعوا إلى قتال القوم، وليس الأمر أنهم دُعوا إلى قوم موصوفين بالمقاتلة أو الإسلام.
       ومع محاولاتهم الحثيثه لتبديل المعنى وبالتالى تغيير المراد من كلام الله تعالى، وهنا يظهر الكاتب حقيقة الموضوع فيضيف فى بحثه قائلا:- "الحقيقة التي مُنعوا من رؤيتها بسبب عبادتهم لأصنام التاريخ، هي أنَّ الدعوة التي سيُدعى إليها المُخلَّفون من الأعراب، ليست لتخيير هؤلاء القوم بين القتال أو الإسلام، إنّما هي دعوة للوقوف معهم في خندقٍ واحد، في قضية تُفرَض على الطرفين في أن يواجهوا عدواً مشتركاً.. فالدافع هو عدو مشترك، ينال من هؤلاء المخلَّفين من الأعراب، ومن القوم أولي بأس شديد، مما يتوجَّب وقوف هذين الطرفين في مواجهة ذلك العدو المشترك".
وينتهى الكاتب الى أن هؤلاء الأعراب والمخلفون منهم بالذات سيقاتلون هؤلاء القوم أولى البأس الشديد ليس إنتصارا للإسلام ولدين الله، بل سيقاتلونهم إنتصارا لأسباب سياسيه وجغرافيه وعقائديه لا علاقة لها بالإنتصار للإسلام، بل لإخضاع هذا القوم أولى البأس الشديد لمذهبهم فقط.  وهنا يضيف الكاتب قائلا :- " ولمَّا كان هذا العدو المشترك يهدف إلى النيل من المقدَّسات المشتركة بين المخلَّفين من الأعراب والقوم أولي بأس شديد، وهي مقدَّسات لا بدَّ من الدفاع عنها انتصاراً لمنهج الله تعالى، فإنَّ طاعة هؤلاء المخلَّفين من الأعراب للدعوة في الوقوف مع القوم أولي بأس شديد في خندقٍ واحد، يجعلهم يحصلون من الله تعالى على أجرٍ حسن.. وبالمقابل فإنَّ التولّي عن هذه الدعوة والاستمرار في غيِّهم وحالهم التي هم عليها، يجعلهم ينالون من الله تعالى عذاباً أليماً".
إذاً، العبارة القرءانيّة   تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَ ، لا تعني تكليفاً من الله تعالى للمنافقين الذين يريدون تبديل كلام الله تعالى، والذين حكم الله تعالى بأنَّهم لن يتَّبعوا المؤمنين، بأن يشنّوا حروباً ظالمة على الناس لفرض الإسلام عليهم بالقوّة، ذلك الإسلام  الذي لم يؤمن به أصلاً هؤلاء المخلَّفون من الأعراب..
وهكذا نرى أن كتاب الله وآياته تحتاج الى جهود مضاعفه لفهم دلالاتها بعيدا عن موروثاتنا الملوثه، والتى إفتقدت البوصله بسبب عبادتهم لأصنام التاريخ والصحابه والتابعين وتابعى التابعين، وإستخلاص دينهم من ميت عن ميت عن ميت عن ميت أيضاً، والإبتعاد عن الحق الذى لا يموت وقرآنه..
وينهى الكاتب عدنان الرفاعى بحثه قائلا"  وكلُّ ما يترتَّب على افتراءات الموروث من إساءة لكتاب الله تعالى عبر تحريف الكلم عن مواضعه، ومن إساءة لعقائد الناس، ومن ارتداد لبعضهم، يتحمَّل مسؤوليته المتاجرون بهذا الموروث، الذين يذرّون الرماد في أعين الناس، لإيهامهم أنَّ هذه الموروث هو ذات مراد الله تعالى..
 وهذا لا يعني إعفاء المرتدّين من المسؤوليّة، كونهم كان باستطاعتهم البحث عن الحقيقة خارج مستنقع هذا الموروث، فالحياة في أساسها امتحانٌ من الله تعالى، وسعي وبحث عن الحقيقة..
والى موضوع أخر قريبا إن شاء الله