الاثنين، 16 سبتمبر 2013

-3- الماضى ... طريق الى المستقبل









-3- الماضى ...
     طريق الى المستقبل

نظام الحكم فى عصر محمد على

كانت الحكومة المصرية فى عهد محمد علي حكومة مطلقة تسود فيها قاعدة "مركزية الحكم" ــ وإن أطلق عليها بعض المغرضين الذين ما كانوا يحبون محمد على أو عهده وبالذات بعد قيام ثورة يوليو 52 وقاموا بتشويه الفتره دون الاستفاده من دروس التاريخ او الماضى ــ ، ولكن الفارق بينها وبين ما كانت عليه في عصر المماليك ان محمد علي باشا وضع نظاما لادارتها ، فحل هذا النظام محل الفوضى والارتباك.
 فهو وان كان يُعتبر من دعاة الحكم المطلق ــ وهذه نقطة ضعف في تاريخه ــ  إلا ان ميزته انه كانت لديه فكرة النظام والاصلاح كما انه كان يميل الى مشاورة مستشاريه في أمور كثيره قبل ابرامها ، وهذا ما أغفل عنه مؤرخون كثيرون ــ بمعنى أنه إستعان بأهل العلم والمشوره ــ ولم يكن يعمل ما يحلوا له كما يردد البعض.
انشاء محمد على حكومة قوية من اجل الاعمال التي قام بها، لانها قضت على الفوضى التي كانت ضاربة للجذور في البلاد، وبهذه الحكومة امكنه ان يُتِمَّ الاصلاحات التي فكر فيها، وكان له الفضل الكبير في نشر لواء الامن في البلاد، وهذا الامن الذي بسطه محمد علي باشا كان من اهم دعائم العمران في مصر المحروسه ووادي النيل كله، ومن الحق ان نقول ان استتبات الامن والنظام من مميزات هذا العصر، لان عصر المماليك اشتهر بفقدان الضبط والربط فلم يكن المزارعون والتجار والملاك يأمنون على أنفسهم أو اموالهم واملاكهم بل كانت تتخطفها قطاع الطرق.
 ومعلوم انه اذا لم يستتب الامن في بلد فلا يرجى له تقدم او حضارة، فمحمد علي قد وضع اول دعائم عمران مصر بضبط الامن والضرب على ايدي الاشقياء وقطاع الطرق وقراصنة النيل آن ذاك.
وقيل أنّ من أهم نتائج حكم محمد علي وادعاها للاعجاب بسط الامن بحيث يستطيع الانسان ان يجتاز الجهات البعيدة عن النيل آمنا مطمئنا بعد ان كان يستهدف للإختطاف إذا تخطى عتبة الصحراء بل في وسط الزراعات أحينا كثيره ، وقد اخضعت الحكومة سطوة العربان ومنعت غزواتهم، ويمكن الانسان ان يسير وسط مضاربهم امنا على نفسه، وهم يشتغلون بتربية المواشي والغنم والاتجار بها في الاسواق.
      محمد علي لم يتجه ذهنه قط الى انشاء نظام دستوري او شبه دستوري بالمعنى المفهوم ــ وإن كان لم يكن من الأنظمة المعروفه دوليا فى حكم الدول، وهذه نقطة ضعف وموضع نقد شديد في تاريخه، وأما الهيئات التي اسسها من مجالس تنفيذية كانت الكلمة العليا فيها له او لكتخدائه، ومجلس المشورة لم يعمر طويلا، والظاهر ان ميوله النفسية لم تتجه الى ناحية النظام الدستوري، ولو انه عنى بهذه الناحية لامكنه ان يعد الامة للاضطلاع بمسئوليات الحكم في عهده، ولكنه لم يفعل، وترك المسالة بين خلفائه والشعب، فوقع الصدام بينهما في اواخر عهد اسماعيل واوائل عهد توفيق حتى افضى الى الثورة العرابية ثم الى الاحتلال الانجليزي.
الدواوين
ومن هنا جاءت فكرة تاسيس بعض المجالس او الدواوين التي كان يرجع اليها في مختلف الشئون.
فقد الف مجلسا للحكومة يسمى الديوان العالي ومقره القلعة، وكان يتداول مع اعضائه في الشؤون المتعلقة بالحكومة قبل الشروع في تنفيذها، ورئيس هذا الديوان يلقب بكتخدا بك أو كتخدا باشا وهو بمثابة وكيل الباشا أونائبه، وله سلطة واسعة المدى في كافة شؤون الحكومة، وكان بمثابة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وصار هذا الديوان يعرف على مدى السنين بالديوان الخديوي وسمى ايضا وقتا ما ديوان المعاونة.
وجعل لكل فرع من فروع الحكومة مجلسا او ديوانا يختص به، فكان هناك ديوان للحربية (الجهادية)، وديوان للبحرية، وديوان للتجارة والشؤون الخارجية، وديوان للمدارس (المعارف العمومية) وديوان للابنية واخر للأشغال، وكانت هذه الدواوين بمثابة فروع واقسام للديوان العالي.

ولما تقدمت شؤون الحكومة أقام سنة 1834 مجلس دَعَاهُ المجلس العالي، يتالف من نظار الدواوين ورؤساء المصالح واثنين من العلماء يختارهما شيخ الجامع الازهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، واثنين من ذوي المعرفة بالحسابات واثنين من الاعيان من كل ميدرية من مديريات القطر المصري ينتخبهما الاهالي.

وعين لرئاسة هذا المجلس عبدي شكري بك  احد خريجي المجلس من النائبين عن التجار والعلماء والمديريات سنة واحدة.
وغني عن البيان ان هذه المجالس او الدواوين لم تكن على درجة كبيرة من الرقي وحسن النظام، لكنها كانت الخطوة الاولى لنظام حكومي لم تعرف البلاد مثله من قبل .

وقال  كلوت بك في هذا الصدد: "من المحقق ان هذه الهيئات الحكومية لم تبلغ درجة الاتقان لكن ينبغي ملاحظة ما بذله محمد علي من الجهود في هذا السبيل وما بثه من روح النظام وتقرير اوضاعه وما اظهره من سداد النظر وصدق العزيمة في وضع النظام الاداري الحكومي، ولا ريب انه اذا توافر عنده الوقت الكافي وتخلص من مشاغله الحالية واخرجت المدارس عددا كافيا من الاكفاء سيضع لمصر نظاما دستوريا ثابتا يكون قد بحثه ونفذه بما عهد فيه من الحكمة".
انتهى ج 3
ولكن يجدلا الاشاره الى من هو كلوت بك ..
انطوان كلوت)  مواليد 7 نوفمبر 1793 ، ومات  28 اغسطس 1868، بمارسيليا) المعروف بـ كلوت بك، وهو طبيب فرنسي قضى معظم حياته في مصر، بعدما عهد إليه محمد علي باشا بتنظيم الإدارة الصحية للجيش المصري، وصار رئيس أطباء الجيش. منحه محمد علي باشا لقب "بك" تقديرًا لجهوده في النهضة الطبية التي أحدثها في مصر.
أقنع كلوت بك محمد علي باشا، بتأسيس "مدرسة الطب" في أبي زعبل عام 1827، تولى إدارتها، وكانت أول مدرسة طبية حديثة في الدول العربية، وكانت تضم 720 سرير، والتي نقلت بعد ذلك إلى قصر العيني، والذي غلب على اسمها فأصبحت تعرف بالقصر العيني.
ألحق بها مدرسة للصيدلة، ثم أخرى لتخريج القابلات ( الدايه ).
بذل كلوت بك جهودًا كبيرة في مقاومة الطاعون الذي حل بالبلاد عام 1830. وعني بتنظيم المستشفيات وهو الذي أشار بتطعيم الأطفال ضد الجدري. وفي عام 1847، كان كلوت بك أول من استخدم البنج في مصر في عمليات خاصة بالسرطان والبتر. أثرى كلوت بك المكتبة الطبية العربية، بالعديد من المؤلفات الطبية.





-2- الماضى ... طريق الى المستقبل



-2- الماضى ...
   طريق الى المستقبل
        
رأي محمد علي ضرورة أن ينفرد بالحكم دون وصاية شعبية،  وأخذ يترقب الوقت للتخلص من السيد عمر مكرم. وساعده علي ذلك الانقسامات في الزعامة الشعبية، فقد أخذ منافسوعمرمكرم يدسون له عند محمد علي ــ ويبدوا أنها عاده عند بعض المصريين لا ينفكون عن التخلص منها حتى اللآن ــ الذي عمل بدوره علي زيادة الانقسامات بين الزعامات الشعبية.
حانت الفرصة لمحمد علي عندما انخفض منسوب النيل في أغسطس 1808م فساءت الأحوال وارتفعت الأسعار وزادت الحكومة الضرائب فأحتج الناس لدي العلماء، و طالب العلماء بدورهم محمد علي بتخفيف الأزمة عن طريق عدم تحصيل الضرائب المقررة ، فنهرهم محمد علي.
  واتخذ محمد علي عدة قرارات تتعلق بالضرائب والملكية تحقق له أغراض السيطرة والانفراد بالحكم وهي:
·       فرض ضريبة المال الميري علي الأراضي الموقوفة للملتزمين وأطيان الأوسية.
·       الاستيلاء علي الأطيان التي لا يثبت أصحابها حجج ملكيتها.
·       إلزام الملتزمين بتقديم نصف فائض الإلتزام و نصف صافي إيراد الأطيان
·       فرض ضريبة تمغة علي المنسوجات والأواني والمصوغات
وكان لابد من موافقة السيد عمر مكرم علي هذه القرارات حتي تصبح نافذة وفقاً لشروط التولية. ولكم عمر مكرم رفض التباحث مع محمد علي. وانتهزت العناصر المنافسة لعمر مكرم الفرصة وأوغرت صدر محمد علي علي عمر مكرم وتفهمه أن عمر مكرم مجرد فرد عادي يمكن استبداله. فأقدم محمد علي علي خلع عمر مكرم من نقابة الأشراف وارساله إلي دمياط سنة 1809 وتولية محمد السادات مكانه. وأصبح السادات أداة طيعة في يد محمد علي.
بعد خلع عمر مكرم من زعامته الشعبية لم يبقي لمحمد علي سوي المماليك لينفرد بحكم مصر. وكان محمد علي قد أغري المماليك بترك الصعيد والإقامة في مصر حتي يكونوا تحت سمعه وبصره.
  وعندما أرسل السلطان العثماني إلي محمد علي ليجهز جيشاً يرسله إلي الجحاز للقضاء علي الحركة الوهابية التي انتشرت في الحجاز واجتاحت مكة والمدينة، خشي محمد علي أن ينتهز المماليك فرصة خروج الجيش إلي الحجاز ويهاجموه ، كما أنه علم من جواسيسه أن المماليك يتآمرون لاغتياله.
   وعلي هذا دبر محمد علي أمر التخلص منهم نهائياً، إذ دعاهم إلي الاحتفال بالقلعة بمناسبة خروج الجيش المصري بقيادة ابنه طوسون إلي الحجاز. وكان عدد المماليك الذين حضروا يقارب 500 مملوك.
 وبعد انتهام مراسم الاحتفال حوصرت فرق المماليك و قُتلوا جميعاً إلا من استطاع الهرب وكان ذلك في 10 صفر 1226هـ الموافق 11 مارس 1811م. كما أصدر محمد علي أوامره إلي حكام المديريات بقتل كل من يعثرون عليه من المماليك في مدرياتهم. ويقدر عدد من أُغتيل من أمراء المماليك في تلك الليلة بألف رجل في جميع أنحاء مصر.
 وما أن خرجت أخبار المذبحة من القلعة حتي سارع عامة المماليك بالفرار والتخفي في قري مصر حيث ذابوا في وسط الفلاحين.
   وتعتبر مذبحة المماليك أكبر عملية اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، وبالرغم من بشاعتها إلا أنها خلصت المصريين من نفوذ المماليك الذي ظل طاغياً علي البلاد ستة قرون منذ مقتل شجر الدر وتولي عز الدين أيبك عرش مصر عام 1250م .



وهنا علينا أن نتوقف عند نقاط هامه ونحللها ..
·       لماذا أراد محمد على الإنفراد بالحكم دون وصايه شعبيه؟
·       لماذا أعد العُده لحربه على الوهابيه؟
·       لماذا تخلص من المماليك؟ وهل كانوا عائقاً أمام خططه المستقبليه؟