الثلاثاء، 13 يناير 2015

تأويلات خاطئه أفسدت ديننا ...كتبه/ طارق عبد الحميد



    تأويلات خاطئه أفسدت ديننا    


كتبه/ طارق عبد الحميد
صدمنى قاموس لسان العرب صدمة بليغه .. كنت أبحث عن معنى كلمة (يُثْخِنَ) والتى وردت فى الآيه التاليه ("مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} - الأنفال (67).. كما ورد تصريف لها فى الآيه التاليه ("فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ   محمد  (4)والكلمه التى أقصدها هى أَثْخَنتُمُوهُمْ.
والكلمتان من الجذر اللغوى (ثَ .خَ . نَ) والمضارع منه ( ىَ ثْ خُ نْ ) من قَتَلَ، يَقْتُلْ ..
 والفعل المتعدى منه ( أ ث خ نَ) بزيادة حرف الألف فى أوله ومضارعه (يُ ثْ خِ نَ )..وما نحن بدرس فى النحو الآن، ولكن ستعرفون لماذا كان علينا التنويه لهذا الأمر.
اما ما وجدته من معانٍ للكلمه فهى،  الغلو فى عمل الشئ،  وثخُن السَّائلُ ونحوه : تكثَّف، وغلُظ ..وهذا في معجم المعاني الجامع. كذلك قال المعجم أن ثخن في الأمربمعنى غالى، وبالغ فيه، كذلك أثخن في العدوِّ أى -  بالغ في قتل أعدائه ..
وجاء فى لسان العرب التالى .. ويقال: أَثْخَنَ فلانٌ في الأرض قَتْلاً إذا أَكثره.
وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى: حتى يُثْخِنَ في الأَرض؛ معناه حتى يُبالِغَ في قَتْلِ أَعدائه، ويجوز أَن يكون حتى يتمكن في الأَرض.
              ليست المشكله فى معنى الكلمه هنا ولكن المصيبه أن يكون للسان العرب رأى فى التأويل لمعنى الآبه ونلاحظ هنا نهايه الجمله حيث قال " ويجوز أَن يكون حتى يتمكن في الأَرض".
ومن قال أن هذا هو المعنى المطلوب من الكلمه تلك فى هذا الموضع والله تعالى يقول : "ما كان لنبى ــ أيا كان هذا النبى وليس محمد عليه الصلاة والسلام المقصود وحده ــ ما كان لنبى أن يكون له أسرى .. أى ليس من حق النبى أن يكون له أسرى، حتى يتمكن فى الارض أى يفرض قبضته عليها ويسود ..
ومن طرائف الأمور أن هذا القاموس وضعه إبن منظور الذى ولد عام 1232 م وتوفى عام  - 1311 م.. وقد أخذ رأيه هذا مع الأسف من كتب الصحاح وما شابهها من كتب التراث.
وبعد تلك المقدمه الطويله الممله، نقول ما كتبه الأولون فى معنى الآيه التى نحن بصددها الآن.. قال تعالى " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} - الأنفال (67).
ويقول القرطبى فى تأويل الآيه: هذه الآية نزلت يوم بدر، عتابا من الله عز وجل لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم. والمعنى : ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم أسرى قبل الإثخان. ولهم هذا الإخبار بقوله { تريدون عرض الدنيا} . والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب، ولا أراد قط عرض الدنيا، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب، فالتوبيخ والعتاب إنما كان متوجها بسبب من أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ الفدية. هذا قول أكثر المفسرين، وهو الذي لا يصح غيره.
وقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما كان لنبي أن يحتبس كافرًا قدر عليه وصار في يده من عبدة الأوثان للفداء أو للمنّ. وإنما قال الله جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يعرِّفه أن قتل المشركين الذين أسرهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثم فادى بهم، كان أولى بالصواب من أخذ الفدية منهم وإطلاقهم.
قد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء أن الإمام مخير فيهم، إن شاء قتل كما فعل ببني قريظة، وإن شاء فادى بمال كما فعل بأسرى بدر، أو بمن أسر من المسلمين، كما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين، وإن شاء استرق من أسر، هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء، وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه. وهذا رأى ابن كثير.
ويقول الجلالين .. ونزل لما أخذوا الفداء من أسرى بدر { ما كان لنبي أن تكونبالتاء والياء { له أسرى حتى يثخن في الأرضيبالغ في قتل الكفار { تريدونأيها المؤمنون { عَرَض الدنياحطامها بأخذ الفداء { والله يريدلكم { الآخرةأى ثوابها بقتلهم { والله عزيز حكيموهذا منسوخ بقوله ( فإما منّا بعد وإما فداءً.)
أما الطبرى فحدث ولا حرج يقول (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَحْتَبِس كَافِرًا قَدْر عَلَيْهِ وَصَارَ فِي يَده مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان لِلْفِدَاءِ أَوْ لِلْمَنِّ . وَإنَّمَا قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَرِّفهُ أَنَّ قَتْل الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَسَرَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر ثُمَّ فَادَى بِهِمْ كَانَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْهُمْ وَإِطْلَاقهمْ
وقد أخطأوا جميعا بلا إستثناء للأسف الشديد، لأنهم أخذوا تأويل الآيه من كتب الصحاح من رواية عمر بن الخطاب فى مسند أحمد وعن رواية عبد الله بن عباس فى مسند أحمد وعبد الله بن مسعود فى سنن الترمذى..
كل هذا لا يهم فيما سأعرض عليكم الآن لمعنى الآيه ..
أخطأ هؤلاء العظام جميعاً فى فهم معنى أهم كلمات الآيه، كلمة (حتى) وكذلك كلمة (يُثْخِنْ) .. فكلمة حتى هنا فى الآيه تعنى من أجل أن ولا تعنى إلى أن.
ما كان لنبى وأقصد أى نبى وليس رسول لله فقط أن يكون له أو يتخذ أسرى بعد أى حرب أو قتال من أجل أن يسيطر ويتمكن ويفرض سلطانه وسطوته .. فقد أتت هنا فى الآيه من الفعل المتعدى أثخن ولم ترد ( حتى يَثْخُنَ).
ومن هنا نرى أن المعنى الذى تستقيم له الآيه فى التأويل هو( أنه لم يكن لأى نبى ـ وهو أمر عام وليس خاصاً بمحمد (ص) وحده كما إدعواــ ما كان له أن يتخذ أسرى أويحتفظ .. فبعدما تنتهى الحرب عليه إطلاقهم والدليل تريدون عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخره .. ولكن الله كان يلوم رسوله الكريم لأنه أبقى عليهم ليعلموا أبناء المسلمين ودليلنا واضح فى الآيه التى تليها ... (لَّوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) - الأنفال (68) وهذا بالطبع لا يتعارض مع ما نزل فى سورة محمد حيث قال جل شأنه " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ  "  محمد  (4)وما أعنيه هنا هو الحكم  إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً
أما ما قاله المفسرون والأصحاب التأويلات الباطله، فهذا لا يمت لكلام الله ومعانيه، إنما هى العصبيه والقبليه والبداوه وعدم التحضر الذى إعتادوا عليه، فقدموه لنا على أنه صحيح الدين، وهو للأسف ليس كذلك.
اللهم إغفر لنا ولا تغفر لهم، لأنهم ضلوا وأضلوا..