الأحد، 20 أكتوبر 2013

المؤامره ... من يحكم من ؟!! -1- طارق عبد الحميد



   المؤامره ...
 من يحكم من ؟!!
-1-
طارق عبد الحميد
         
          يبدوا أننا كنا نعتقد خطأً أن العالم والدول تحكمه حكومات منتخبه ديمقراطيا وشعبياً بالصندوق .. وهذا ما كنت أظنه شخصيا أيضاً .. ولكن هذا الظن ليس صحيحاً بالمره، فالعالم والدول يحكمها شئ آخر سنصل له فيما بعد فى هذا المقال، إن كان لى عمر لأنتهى من كتابته.
        عندما إنتهيت من كتابه " الماضى.. طريق الى المستقبل. وبدأت البحث فى ثورة عرابى تطرقت الى إعتقاد بأن الغرب وبالذات بريطانيا لم تكن لتحتل مصر إلا بعد عناء ومكايد ومؤامرات إمتدت لما يقرب من خمسين سنه منذ أنشأ محمد على جيش مصر، والذى أبهر به العالم وإخترقه حتى وصل الى أوروبا.. ومنذ ذلك لاحين والمؤامرات تحاك على مصر بلا توقف، ولكن كانت لمصر إنتصاراتها وإخفاقاتها، مع حكم أبناء وأحفاد محمد على باشا.. فكان عباس حلمى الأول عاشقاً للوهابيه وفكرها، وساعده الإنجليز على إستمرار هذا العشق، وجاء إسماعيل باشا وبدأ نجم مصر الإقتصادى والإجتماعى والثقافى يعانق السماء من جديد، وكانت النهضه الثانيه لمصر بعد محمد على.. حتى وصلنا الى توفيق نعم الخديوى توفيق الذى كان أحد الأسباب الرئيسيه لسوء إدارته لمصر أن إحتلتها إنجلترا فى أوائل ثمانينيات القرن التاسع عشر.
        ومع هذا التاريخ، كان لبريطانيا مخططاً خاصا لمصر، وهى أن تستمر كما هى تعتمد إعتماداً رئيسياً على بريطانيا فى كل شئ.. ليس فقط مع ظهور حركات التحرر الوطنى والنداء برحيل الإحتلال البريطانى عن مصر أيام مصطفى كامل ومحمد فريد، وبريطانيا تلعب لعبة القط والفأر.. أو كما أسميناها "فرق تسد".. بل من قبل ذلك بكثير كما سبق وأن وضحنا.
        بدأت الخطه الثقافيه قبل عام  1870  ولكن بوصول جمال الدين الأفغانى الى مصر للمرة الأولى كانت الخطط تتوالى بلا هواده.. ولمن لا يعرف جمال الدين الأفغانى إلا أنه كان أحد مجددي الفكر الإسلامى المستنير، ارجو من هؤلاء أن يؤجلوا ما يعرفونه قليلاً حتى نهاية هذا الجزء من الموضوع..
إختلف المترجمون في نسبه (جمال الدين الأفغانى) لأنه كان يظهر في كل أرض باسم جديد وشخصية مختلفة ، ومن هذه الأسماء: جمال الدين الإستانبولي ..أو جمال الدين الأسد آبادي أو  جمال الدين الحسيني أو جمال الدين الافغاني الكابلي أو جمال الدين الطوسي وكذلك بإسم جمال الدين الرومي..
هذا عن إسمه فقط ولم تُعرف له دوله محدده قبل ظهوره فى مصر، فقيل إنه من العراق وكان شيعياً وقيل من أفغانستان من كابول وقيل من طرطوس وولد فى فارس،  وقيل وقيل.. قال علي الوردي في كتابه « لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث  (3/313) : (وقد اعتاد الأفغاني أن يغيّر لقبه كلما انتقل من بلد إلى آخر ، فقد رأيناه في مصر وتركيا يلقِّب نفسه بـ( الأفغاني ) بينما هو في إيران يلقِّب نفسه بـالحسيني )!
وكان الأفغاني يغير زيّه ولباس رأسه مثلما كان يغيّر لقبه ، فهو في إيران يلبس العمامة السوداء التي هي شعار الشيعة ، فإذا ذهب إلى تركيا ومصر لبس العمامة البيضاء فوق طربوش ، أما في الحجاز فقد لبس العقال والكوفية ..  والذي يقرأ مؤلفات الأفغاني ورسائله التي كان يرسلها لتلامذته وأتباعه يرى من خلالها أنه كان صاحب عقيدة غير سوية فهذا هو رشيد رضا تلميذ تلميذه محمد عبده يقول عنه {كان يميل لوحدة الوجود التي يشتبه فيها كلامه مع كلام الصوفية الباطنية وكلامه في النشوء والترقي يشبه كلام داروين} وسنعلم فيما بعد أن حسن البنا مؤسس الإخوان كان عاشقاً لرشيد رضا هذا.
        وفى وثيقة خطيرة نشرت : طلب جمال الدين الأفغاني الانتساب للمحافل الماسونية..   وتكشف هذه الوثيقة طلب انتساب جمال الدين الأفغاني للمحافل الماسونية في مصر بخط يده وتوقيعه ، وكان يسمي نفسه : جمال الدين الكابلي .
        ولم يقف الأمر عند هذا بل تطرق الى رموز أخرى كان لتاريخها أهميه كبرى وعلامات بارزه فى تاريخ مصر الحديث.. فيقول روبرت دريفوس فى كتابه الاشهر (لعبة الشيطان) ترجمه أحمد مصطفى حسونه " كان الأفغانى فتلميذه الامام محمد عبده من الاسلاميين الشموليين وساعد على نشر رسالة الافغانى، ثم تابعه الشيخ محمد رشيد رضا وهو سورى الاصل انتقل الى مصر واسسس مجلة المنار للترويج لفكر الافغانى وعبده ونبعه حسن البنا الذى درس تعاليم الاسلام على يد رشيد رضا".
        ولمعرفة الدور الحقيقى الذى لعبه الافغانى ومحمد عبده، من الضرورى إعتبارهما ثمرة تجارب لجهود بريطانيه إستمرت على مدى قرن من الزمان لتنظيم حركه إسلاميه شموليه مواليه لبريطانيا ، وذلك لمنع ظهور حركات قوميه كالتى قام بها محمد على بداية القرن.  وقد نجح محمد عبده فيما فشل فيه الأفغانى وإستطاع أن يضع القواعد الأساسيه للإخوان المسلمين.
        وكان محمد عبده قد القى بثقله علنا الى جانب اللورد كرومر عام 1888 ، وبعد سنتين من موت الافغانى عين محمد عبده مفتيا لمصر ...
يقول اللورد كرومر نعياً فى الأفغانى ومحمد عبده قائلاً :- لقد شوهوهم كثيرا لأمهم أمضوا أكثر من اللازم فى طريق المسلمين المحافظين ولكنهم لم يتأوربوا ـ أى يتحولوا الى أوربيون ــ لم يكونوا مسلمين جيدين بما فيه الكفايه كما لم يكونوا أوروبيين جيدين أيضاً."  وكان هذا رأيه فيهم بعد خدمتهم له وللإمبراطوريه لسنوات.
الجرء الثانى غدا.
 بإذن الله