السبت، 13 أكتوبر 2012

الدستور الذى لا يراه إلّا ... بقلم / فاطمة العُرَيض



الدستور الذى لا
يراه إلّا ...
بقلم / فاطمة العُرَيض

كلما قرأت المواد التى انجزتها اللجنة التأسيسية للدستور  انتابتنى القشعريرة وانقبض قلبى ولا أكاد افيق من نوبة الذعر تلك إلا بدعائى " يا خفى الألطاف نجنا من ما نخاف" .
مجموعة من المواد  ما أنزل الله بها من سلطان وضعتها لجنة الدستور والتى من المفترض أنها لجنة تم اختيارها باعتبارها جمع لمثقفى وعلماء الدولة الاجلاء إلا أننى فٌجعت  بركاكة الصياغه ، والغلطات الإملائيه ، وغموض الفحوى وميوعتها وشموليتها .
رحم الله أيام أن وضع دستور مصر عدد من الفقهاء ... وهو دستور ظل نبراسا للعديد من الدول العربيه تأخذ منه أو تستعين بواضعيه  ليضع  لها  دستورها أصبح الأن دستورمصر  تفصيل على مقاس وطول وحجم جماعة حاكمه وكأنه يقولها مغالبة .... واللى مش عاجبه يمشى .
 لو أننا فندنا الدستور جملة جملة ومادة مادة فلن تكفى عشر مقالات لذلك  ، ولكنى ساحاول الاختصار قدر الامكان
تبدأ الماده الأولى للدستور بصياغة عجيبه ...
هل نحن نتعامل مع دوله ام مع قرص جبن تركى لنقول انه لا يقبل التجزئه؟
ثم ماهى مبادىء الشورى والتعددية ؟
الشورى غير ملزمه شرعا كما  نعلم للحاكم
وما معنى ان الوطن يتمسك بإنتمائه  لحوض النيل والقاره الافريقية .. هل هناك من قال ان مصر غير موجودة على خريطة افريقيا مثلا او انها ليست من دول حوض النيل ؟ وأى امتداد اسيوى ذلك الذى تتحدث عنه الماده؟ ثم اين تقع تلك الامه الاسلامية التى يتحدث عنها الدستور على الخريطه ... تعريف الامة سياسيا هو مجموعة من الناس يجمعهم تراث ثقافى ولغة وعرق ... هل بذلك التعريف يرى اى منكم أٌمه ؟؟؟ يبدو ان من صاغ الماده اراد تحية العرس الدستورى فبدأ بتلك الماده ترحيبا بالمعازيم .
وتتوالى المواد نقطة نقطة تجرنا بنعومه حتى نجد أنفسنا فى حلق القيد , فالازهر الشريف هو المرجعية النهائيه فى تفسير التشريعات ، اى ان التشريعات كلها ستكون دينية وستكون هناك سلطه اكبرتهيمن على  الدولة وعلى القانون وعلى أى سلطه اخرى والازهر الشريف سيفسر .. ويحدد .. وتكون له اليد العليا ـ  كهنوتية  دينية  إذن  تلك التى وضعتها الماده الثانيه بدستورنا !
علما بان شيخ الازهر سيتم انتخابه ولن يعزل .. ومن هو المرشح لذلك المنصب ؟... اكيد طبعا شيخ سلفى سيفتى ويحكم ويتحكم ولكن المعضله باى شرعة ونحن 70 فرقه ؟ هل سيحكم بالشرع الذى به دكت الكعبة مثلا أم ذلك الذى قتل به الحسين ام الذى جعل من معاوية كاتبا للوحى و شرع للخلافة بالتوريث ... نسيت أن  العثمانيين قتلوا مليون ونصف المليون  مسلم فى طريقهم لاخضاع مصر  باسم الشريعة ووجدت حركة طالبان بالشريعة ايضا
وتستكمل الماده بالحديث عن الديانات الاخرى بقولها ولاتباع المسيحيه !! أى إزدراء لغوى هذا ... أى تصنيف هذا الذى نضعه لدين معين ؟ هل نقبل ان يقال عنا ولاتباع الاسلام !!! هناك صيغ اكثر احتراما كان يمكننا القول ولمن يدينون بالمسيحيه او اليهودية ،  الصيغه الموضوعة  ترسى فى النفوس نوع من التعالى على من يدينون بغير الاسلام وتعتبرهم  مواطنون من الدرجه الثانيه يمارسون شئونهم وبين قوسين شعائرهم ... وبعد كل هذا نريد منهم ان يأمنوا على انفسهم وارواحهم فى بلدهم والدستور نفسه يخاطبهم بلغه التعالى.
ويستمر الاقصاء بالقول فى احدى المواد  طبقا لمذاهب أهل السنة والجماعة".
ما موقف الشيعة المصريين من الحكم طبقا لاهل السنة والجماعة ؟ أم انهم سيصبحون رغم انهم مسلمون مطاردين او مطرودين بإرادتهم ... أى وطن هذا واية هويه للدولة تلك التى تكرس لفكره الفريق الواحد او الفئه الواحدة ....!
الدستور متماسك جدا فى جميع مواده وكلها مترتبة على بعضها وتكمل الصوره النهائيه التى يراد للدوله ان تكون عليها فتأتى مادة تنص على ان تدريس اللغة العربيه والدين سيكونان ايضا بالمرحله الجامعة وستكون مواد اجباريه  وبذلك سيصبح ابناء مصر جميعا ولله الحمد  فقهاء  وجميعهم من المسلمين طبعا فكيف سندرس الدين للمسيحيين او الشيعه او البهائيين او الملحدين ؟ وبذلك لا يكون لديهم الا احد خيارين اما ان يفارقونا ونرتاح منهم او ان يهديهم الله ويسلموا بقى ويفضوها سيره .
وتمعن الدولة ليس فقط فى طرد الملل الاخرى باختيارها بل انها ستمسك بمواطنيها - اللى فاضل منهم على ارضها طبعا - مدى الحياه ولن يفلتوا ابدا من قبضتها وذلك بشىء بسيط جدا جدا  ـ تعريب التعليم ـ أى ما معناه أن  كليات طب ستدرس باللغه العربيه وكذلك كليات الهندسه  وجميع الكليات العلميه إذن  لنصبح بقدرة الله سبحانه كسوريا تماما ـ  شهاداتنا لن يعٌترف بها للعمل  بالخارج او استكمال الدراسه باى دوله عربية كانت او اجنبية فيصبح الجيل القادم برمته جيل حبيس مصر لا يفقه اللغات ولا يجيد استخدام ايا من مقومات التكنولوجيا التى تفتح عقله ليستقبل ويفكر ولا يطلع على المعارف ولا يمكنه الخروج من بلده لانه اجهل من دابه ...
خطه ما تخرش الميه فعلا ..... مافيش مكان تانى تروحه يا مواطن ومجبر تفضل فى دولتنا لا شهادتك ولا تعليمك ولا دماغك يؤهلوك لاى عمل او حتى للفرار ...
الأن قضينا على الرجال ماذا نفعل بالنساء إذن ؟
لنضع لها مادة حريرية نقوضها بها دون ان تدرى فلنقول " تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية."
بالله عليكم كيف ستكفل الدوله توفيق المرأه بين واجباتها نحو اسرتها والتى جاءت فى هذه الصياغه وعملها فى المجتمع؟ هل ستراقب الدولة النساء فى بيوتهن ليعطين تقريرا ممهورا بإمضاء الزوج انها غير مقصرة فى حقه وأن عملها لا يؤثر على بيتها أم انة سيكون من حق الزوج التقدم بشكوى لمدير زوجته بأنها مقصره فيقوم بإعفائها من مهامها ؟ أم ان الدوله كما ارى من صياغة الماده  ستقوم فى سبيل ذلك التوفيق بتعيين السيدات فى اعمال معينة دون غيرها منها مثلا التدريس فقط ، والعمل الحكومى بالدوائر النسائيه التى ستظهر لنا عن ما قريب بإذن الله ،  أم ان الدولة ستغلق الباب امام النساء اصلا بحظر دخولهن مجالات معينة وستحظر ان تدرس لهن مواد معينه كما تفعل ايران ؟
وما معنى مساواتها بالرجل دون اخلال باحكام الشريعه ،  هل سيعنى ذلك ان يكون لها نصف صوت انتخابى مثلا ؟ أم ان الشرع سيحدد لها مجالات العمل والحياة عامة أم لا يصح ترقيتها كمديرة على الرجال أو رئيسة لقسم يعمل بها رجال لأن القوامة للرجل.
وهل ستعود المحاكم الشرعيه وتلغى حقوق المرأه المنقوصه اصلا فيلغى حق طلب الطلاق كضرر للزوجة إذا تزوج زوجها بأخرى لانه لن  يعتبر ضررا من وجهة نظر بعض الشيوخ ويعود سن الحضانه ليصبح السابعه سواء تزوجت الام ام لم تتزوج  ويلغى الاخطار بالزواج الثانى من الزوج للزوجه الاولى .... وكله بالشرع ؟ الدولة تهمش المرأه المصرية  وهى 56% من مجموع السكان و48% من القوى العامله والمعيله بمصر.
انتهينا الان من الشباب والرجال والنساء فلندخل على الاموال ....
فقيل ان المجتمع هو من سيضمن حد الكفاية للجميع ... وان الادخار واجب وطنى –لازم كلنا نحوش -  حتى حين يأتى جابى الوالى ليجمع الزكاة والضرائب لا يتعب فى البحث ورائك .... الادخار واجب وطنى  أى نعم .. سندخر من ما  يفيض من  رواتبنا ومدخولنا نظرا لرخص الاسعار وارتفاع الاجور والرخاء والنماء الذى نعيشه ...
الدولة ستقوم بتحصيل الزكاة منا ... ستراقب تأديتنا لفروضنا ندفع زكاة للدوله لتصرفها هى على من تشاء وكيفما تشاء وندفع ضرائب ايضا سبحان الله .... ثم ان الدوله الله اكبر ولله الحمد ستترك لنا نسبة لنتصرف فيها كيفما نشاء ولنعطى منها لذوينا المستحقين ... وتتولى تحصيل زكاة الركاز من المؤسسات العامله عليها لتصرفها فى مصارفها الشرعيه !
اين الجزية اذن يا بشر ...  !
بأى حق تراقبون عباداتنا .. وإن كان الوضع كذلك فابشرى أيتها الدوله بأن الجميع سيسحب امواله من البنوك ولن ينفق اصلا ولن تظهر عليه اى مظاهر للثراء حتى لا تتبعيه وتحاسبيه ومرحبا بانهيار نظام البنوك.
وهل الدوله ستصرف من الزكاه على المسلمين فقط ام على المستحقين عموما من اى دين واى مله ومذهب ؟  اسفه نسيت الدوله لن يبقى بها الا المسلمون المستحقون فعلا فقط؟
هذه دولة تخطط لشىء ما  .... وكل شىء فيها مدروس ستأخذ منا الضرائب ثم تشجعنا على الادخار ثم تجبى الزكاه .... وان فاض معك شىء فلا مانع من ان توقفها لوجه الله تعالى ... وكله عشان مصر الاسلامية  بعد تجربة مصر لاكثر من قرنين الغت الاوقاف الاهليه ـ لما شابها من سرقات وضياع حقوق مستحقيها ـ ثم من هذا الذى يأتمن الدوله على التصرف فى وقف وانها ستديرة بذمه ؟ قضايا الوقف تملاء المحاكم منذ قرون  ولم يحصل مستحقيها حتى الان على حقهم.
طبيعى جدا بعد كل تلك المواد الاباحية التى يتضمنها الدستور ان تسب وتلعن وليس ببعيد ان تشق جلبابك وتكفر ....
الدوله مش عاوزه وجع دماغ ولا بمبكه كتير أنت هترغى وللا ايه ؟ وكمان هتعترض يا مواطن ؟
طاب تعالى لى  عندك مادتين للازدراء ... واحده تم وضعها لحفظ الذات الالهيه وصونها هى والانبياء والصحابه وامهات المؤمنين والخلفاء الراشدين  وبعدها بشارع كده  ـ عشان الاحراج بس  ـ واحده للرموز الوطنيه ...خجلت تلك الماده من اضافة الرموز الوطنيه فى نفس المادة الالهية  فوضعتها فى مادة منفصله - على اساس مش هناخد بالنا – بينما هى فى الحقيقة تساوى بين المساس بكل ماسبق والمساس برموز الوطن ـ  ما هو تعريف الرموز الوطنية الجماعة مثلا والمرشد بديع ؟ ام سعد زغلول  أم تراها سعاد حسنى فقد كانت رمزا وطنيا ... أم ان تلك الماده وضعت لقمع من تشاءوا وكيفما تريدون ؟ فالقاضى له رؤيه ووكيل النيابه له رؤيه والجار الذى سيتطوع بالابلاغ عن جارة له رؤية .... أم انه سلاح قمعى تقطعون به لسان من يصرخ .
ثم ما تريحنا وتقول فى نفس المادة ـ وجماعة الاخوان ومرسى وبرهامى واخلص .
انتهت الدولة بعون الله وفضل الاخوان والسلفيين من القضاء على المواطن تعليميا وماديا وثقافيا وكبتت حريته الان جاء دور الترفيه فاخترعت لنا ماده  " تحمى الدولة والمجتمع شواطىء جمهورية العربية بحارها وأنهارها باعتبارها ملكية عامة وتعمل على إزالة التعديات عليها". لم اجد لهذه المادة اى قرين فى اى دستور فى اى دوله الا انه ونظرا لان الحكم سيكون اسلاميا دينيا فيمكننى الان رؤيتها على حقيقتها بمعنى أخر ستقوم الدوله بهدم  جميع الشواطىء الخاصه وتلك التى خصصت للفنادق واستباحتها ولا عزاء للخصوصيه .
انتهى باب هوية الدولة وانتهت معه هويتها كذلك ولا مانع من بعض الكلمات اللطيفه التى تدغدغ المشاعر وتشعرك بالتفوق كمصرى وتبث فيك روح الاصاله والفخر بالقول بالحفاظ على الهويه الاخلاقيه وتقاليد المجتمع والعراقه والاصاله والوطنيه والاستقرار والحمايه وما الى ذلك من كلمات لا تشعرك بأنك سحقت تماما .
بالنسبة لى وضحت الرؤيه الأن وتجلت خيوط الشرك والخدعة ووقف طرفى المعادلة إخوان وسلفيين يعلنون لنا بكل صدق عن اتفاقهم على ان تصبح مصر دولة دينية ...
فالإخوان منهجهم كان واضحا صريحا منذ البداية منذ ثمانون عاما  ـ منهج البنا ـ الاسرة المسلمة ـ المجتمع المسلم والخلافة الاسلاميه ثم أستاذية العالم .... كوننا أمه لا تقرأ ولا تعرف هذه المعلومات تلك مشكلتنا وليست مشكلتهم اطلاقا.
أما السلفيين فموقفهم صارم وصريح وواضح كوضوح الشمس فلا وجود لما يسمى بالدستور اصلا لديهم وإن اضطرتهم الظروف لذلك فيجب ان يتم تطويعه لقيام دولة دينية إسلاميه حسب مفهومهم تكون الولايه فيها لإمام الجماعة وأن يكون الحكم لجماعة المسلمين وأهل الحل والعقد منهم  وعلماء المسلمين  وبالتالى ليس بمستغرب أبدا ان يأتى باب هوية الدولة بالصورة التى هو عليها .
الدولة الدينية هى ما يفرضه علينا قطبى الحكم وإذا ربطنا ما تقدم بما وضعته اللجنة فى المادة المتعلقة بتأسيس الاحزاب فى باب الحريات والذى خشيت لى نفسى من قراءته حتى لا اصاب بالذبحه والتى لم تتضمن أى  حظر على الاحزاب ذات المرجعيات الدينيه لعلمنا اننا فعلا والخاتمه الطاهره نسير قٌدما نحو دولة دينية.
إقرئوا باب هوية الدولة فى الدستور واحسبوا كم مره وردت كلمة دينية واسلامية وشريعه ...
ملحوظة اخيره
اكبردولتين متقدمتين اقتصاديا وصناعيا ومن النمورالواعدة ماليزيا وتركيا ودستورالدولتين حرص على النص على علمانية الدولة ولم ترد ضمنها
بعبارة اوجمله  واحدت تحدثت عن الشريعة اوالدين

بالله عليكم هل هذا دستور دوله مدنية عصرية كما قالوا لنا ـ ام انه دستور التكفير حتى نصل الى الهجره ؟
بقيت مادة واحده بالدستور لم اعرف كيفية تفسيرها .... يعنى ايه تجفيف منابع الامية!!!