الأحد، 31 مايو 2015

إسلام الله لا إسلام البشر 6/ ب ...أكذوبة الناسخ والمنسوخ



إسلام الله
 لا إسلام البشر
6/ ب

قراءه فى كتابات المهندس/ عدنان الرفاعى...

أكذوبة الناسخ والمنسوخ

عرض يقدمه / طارق عبد الحميد

سبق وأن تحدثنا عن الضرب الأول والثانى من صنوف النسخ المزعومه فى كتاب الله وقلنا ــ الضربُ الأوّلُ ( ما نُسِخَ خطُّهُ وحكمُهُ ) ، والضربُ الثاني (ما نُسِخَ خطُّهُ وبقي حُكمُهُ (... أما الضرب الثالث فهو ما نُسِخَ حُكْمُهُ وبقيَ خَطُّهُ وهذا فى رأيي من أكثر الموضوعات خطوره، ذلك لأن هذا يثير عدة تساؤلات أهمها على الإطلاق وجود نصوص معطله فى القرآن لا يعمل بها المسلمون، وهذا أمر خطير جدا...  ويقول عدنان الرفاعى فى هذا الشأن :" إن الضربُ الثالثُ وهو ما نُسِخَ حُكْمُهُ وبقيَ خَطُّهُ ، يقتضي :-
1-  تعارضاً بين دلالاتِ النصوصِ القرآنيّةِ ، لدرجةٍ يستحيلُ فيها التوفيقُ بين هذه الدلالات ، وهذا يُناقضُ تماماً قولَ اللهِ تعالى .. (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) ( النساء : 82 ) .. فاللهُ تعالى يقولُ لنا : لا يُوجَدُ اختلافٌ في القرآنِ الكريم ، ويأتي زاعمو مسألةِ الناسِخِ والمنسوخِ ليقولوا لنا : يُوجَدُ تناقضٌ في القرآنِ الكريم.
2-  أنّ بعضَ آياتِ كتابِ اللهِ تعالى ( المنسوخة ) خَضَعَت للزمانِ والمكانِ ، فصلاحيّتُها – كما يُزعَم في مسألة ِالناسخِ والمنسوخِ – بقيت لفتراتٍ زمنيّةٍ محددّةٍ ، وهذا يؤدّي إلى كونِ القرآنِ الكريمِ مخلوقاً ، كما زعمت المعتزلةُ ، فكلُّ ما خضعَ لقانونِ الزمانِ والمكانِ  مخلوقٌ ..
3-  ويقتضي أيضاً أنّ بعضَ آياتِ كتابِ اللهِ تعالى هي لمجرّدِ التلاوةِ والتبريك ، وأنّها مُفرَغَةٌ من صلاحيّةِ استمرارِ الحُكْمِ ، ويُحظَرُ علينا اتّباعُ أحكامِها .. وهذا يُناقضُ بشكلٍ صريحٍ دلالاتِ الآيةِ الكريمةِ التاليةِ .. ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) (الأعراف : 3 )
4-  بما أنّه لا يُوجَدُ نصٌّ قرآنيٌّ ( ولا حديثٌ ) يُحدّدُ الآياتِ المنسوخَةَ والآياتِ الناسِخَةَ ، لذلك فالمسألةُ اجتهاديّةٌ ، وبالتالي لا يُمكنُ إنهاءُ هذه المسألة ، لأنّ الاجتهادَ مفتوحٌ ، وبالتالي فهذه المسألةُ بابٌ يدخلُ منه كلُّ عابثٍ يريدُ تقزيمَ أحكامِ كتابِ اللهِ تعالى ..
وهنا يجب التوقف قليلا، والتأمل والتدبر هل يمكن للقرآن أن يحتوى كل تلك التناقضات، بالقطع لا.. ولهذا علينا أن نفهم المسأله جيدا.. وهنا ينطلق عدنا الرفاعى فى تساؤل آخر مثيرعندما يقول.." قولُهُم بأنّ الحديثَ يحملُ إمكانيّةَ نسخِ القرآنِ الكريمِ، يؤدّي إلى نزعِ هيبةِ القرآنِ الكريم في قلوبِ البشرِ الذين سيصدّقون أنّ الحديثَ ينسخُ القرآنَ الكريم.. فما دام تطبيقُ حدِّ الزنا يحتاجُ إلى أربعةِ شهودٍ، فكيف إذن يَنسَخُ حديثُ الآحادِ نصّاً قرآنيّاً ؟ !! .. وما يجب أن نعلمَهُ أنّ السببَ الأوّلَ في زَعْمِ هذه المسألةِ هو إدراكُ دلالاتِ بعضِ آياتِ كتابِ اللهِ تعالى بشكلٍ خاطئ ، ممّا صوّرَ لهم تناقضاً مع دلالاتِ آياتٍ أُخرى ، فلم يجدوا أمامَهم إلاّ الزعمَ بنسخِ بعضِ هذه الآيات.  ويحتجون على مسألةِ الناسِخِ والمنسوخِ بالآيةِ الكريمة .. ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (البقرة : 106 ) .. معَ العلمِ أنّ كلمةَ آيةٍ تعني حُكْمَاً ، ولا تعني مجموعةَ كلماتٍ قرآنيّةٍ بين فاصلتين ، وأكبرُ دليلٍ على ذلك هو قولُهُ تعالى .. ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( النور : 1 ) .. والحُكْمُ المنسوخُ المعنيُّ في هذه الآيةِ التي يحتجّون بها ، هو حُكمٌ سابقٌ لنزول القرآنِ الكريمِ ، سواءٌ من أحكامِ أهلِ الكتاب ، أم الأعرافِ الاجتماعيّةِ التي كانت سائدةً ، وما يؤكّد ذلك هو الآيةُ الكريمةُ السابقةُ مباشرةً لهذه الآيةِ .. ( مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( البقرة : 105 – 106) فالذين كفروا من أهلِ الكتابِ ، والمشركون ، لا يعنيهم أمرُ نسخِ آيةٍ قرآنيّةٍ لآيةٍ قرآنيّة، لأنّهم لا يؤمنون أصلاً بالقرآنِ الكريم، وما يعنيهم هو نسخُ أحكامِ القرآنِ الكريمِ لأحكامِهم التي اعتادوا عليها ... وإذا كان النسخُ المعنيُّ هو نسخُ آيةٍ قرآنيّةٍ لأُخرى – كما يزعمون – فلماذا قال الله تعال ( أَوْ مِثْلِهَا ).. يعنى بالبلدى كده نرفع آيه ونجيب آيه تانيه زيها بالضبط، كيف يمكن لعاقل له قلب يعى أن يصدق ذلك الزعم..
وفى القراءه القادمه سنعرض بعضَ الآياتِ التي زعموا نسخَها ، حين ذلك سنرى أنّ مسألةَ الناسِخِ والمنسوخِ سببُها عدمُ الإدراكِ الحقيقيِّ لدلالاتِ كتابِ اللهِ تعالى..

وإلى اللقاء القادم